مؤمن الهباء
تحريض علي الفجور بأموال عربية
قدمت مسلسلا ت رمضان صورة سلبية للمرأة المصرية.. فهي إما مدمنة أو قاتلة أو خائنة أو عاهرة أو مريضة نفسياً.. وحصرت أدوار المرأة في فتاة الليل والمطلقة التي تخطف الأزواج.. إلي جانب استخدام ألفاظ خارجة عن المألوف وغير لائقة وانتشار السباب.. وهذا مناقض تماماً لقيم المجتمع المصري.. ويشكل تحريضاً علي الفجور.
هذا الكلام ليس لشيخ أزهري غيور علي الدين.. ولا لمصلح غيور علي المجتمع.. وإنما للدكتورة سوزان قلليني مقرر لجنة الإعلام بالمجلس القومي للمرأة نقلاً عن التقرير نصف السنوي للرصد الإعلامي الكمي والكيفي لدراما رمضان الذي سيصدره المجلس.
وكانت الدكتورة مايا مرسي رئيس المجلس القومي للمرأة قد عبرت عن استياء المجلس الشديد من الصورة المبتذلة التي قدمتها مسلسلات رمضان للمرأة في حوار مع صحيفة "المصري اليوم" في 21/6/..2016 وقالت ضمن ما قالت إن المسلسلات قدمت المرأة مجرد سلعة.. فهي مريضة ومختلة ومشوهة ومبتذلة.. مما يحط من قيمتها ويهدر كرامتها.. ويحمل إيحاءات تحريضية علي التحرش والعنف ضدها.
باختصار ــ هكذا قالت د.مايا ــ ما حدث في دراما رمضان حرام.. لأن الإعلام سلاح تنموي خطير ينبغي الحذر منه حتي لا يهدم المجتمع.
والحقيقة أن سوءات در اما رمضان لا تتعلق بالمرأة فقط.. وإنما بمنظومة القيم التي قدمتها والتي تمثل في مجموعها انقلاباً مفضوحاً علي منظومة القيم التي عرفها المجتمع المصري وعاش عليها سنوات طوالا.. وفي ذلك يقول د.جابر نصار رئيس جامعة القاهرة في "الأهرام" يوم الجمعة الماضي إن القيم والأخلاق والنموذج التي تقدمها هذه المسلسلات للشباب والنشء في غاية السوء.. فهي قيم الفهلوة والبلطجة والسلوك السييء من تدخين وخمور وزنا وعنف وتفسخ اجتماعي وعلاقات اجتماعية فاسدة.. فهل هذا هو الفن الذي تنهض به الأمم؟!.. ماذا جري للمصريين؟! ولماذا يقسو الفن علينا لهذه الدرجة التي يتفنن فيها لتغييب الوعي وتسويق قيم الجريمة والبلطجة والعنف والكراهية؟!
ويتساءل د.نصار عن الجهة أو الجهات التي تمول انتاج هذه المسلسلات.. وعن دور الدولة الغائب.. ألم يكن من الأجدي إنفاق مليارات الجنيهات التي قدمت للمسلسلات في إنشاء المصانع والمشروعات الانتاجية التي توفر فرص عمل حقيقية للشباب؟!
لاشك أننا نسدد فواتير باهظة التكلفة لغياب الدولة عن تشكيل عقول أبنائها بمنظومة قيم إيجابية.. وذلك فيما نراه من انتشار جرائم غريبة وعجيبة في مجتمعنا هذه الأيام.. ولا نلوم إلا أنفسنا.
عندما يقدم البلطجي علي أنه "الأسطورة" فلا نلوم إلا أنفسنا..
وعندما تمنع الدولة خطيب المسجد من صعود المنبر إلا بترخيص.. وتفرض خطبة موحدة مكتوبة للجمعة.. ثم تترك الحبل علي الغارب لصناع الدراما كي يعبثوا بعقول الناس فلا نلوم إلا أنفسنا.
سلاح الدراما لا يقل خطورة وتأثيراً عن المنبر.. بالعكس الناس تذهب إلي المسجد لتستمع إلي الخطيب.. في حين أن الدراما تذهب إلي الناس في بيوتهم.
يقول فاروق جويدة في "الأهرام" يوم الخميس 7 يوليو الجاري: "هناك أموال عربية كثيرة شاركت في انتاج مسلسلات هذا العام التي بلغت تكاليفها مليارين و200 مليون جنيه لكي تتحدث عن الفضائح والخيانات والدم والإرهاب في مصر.. وليس في أية دولة أخري.. كأننا نتلقي هذه الأموال لنشوه صورة بلدنا ونفضح أنفسنا.. كل الخيانات الزوجية مصرية.. كل المساطيل مصريون والدخان والسموم يطوف الشوارع.. والانفلات الأمني والقتل نشاط مصري خالص.. وكأننا نعيش في دولة خارج التاريخ.. ووطن خارج الزمن".
لو أن أعداء مصر قدموا هذه المسلسلات ما جاءت في هذه الصورة التي أساءت إلي كل شيء في هذا البلد.. والله عيب وحرام.