محمد جبريل
ع.البحري - الجنائية الدولية والخداع السياسي
القيمة الأهم لبدء تفعيل مشاركة السلطة الفلسطينية في المحكمة الجنائية الدولية هي الطريق الجديدة التي تجاوز فيها القضية الفلسطينية ما يعترض تحركاتها في المجالات السياسية. بما يضع قيام الدولة الفلسطينية في دائرة المستحيل.
الفيتو الأمريكي يشكل- بمساندة إسرائيل- نسبة كبيرة من تدخل واشنطن لمنع صدور قرار إدانة ضد الممارسات الاسرائيلية. داخل الأرض المحتلة وخارجها حتي الجرائم التي يصعب إنكارها تجد واشنطن ما يهون منها. فلم يصدر قرار ينطوي علي إدانة حقيقية لجرائم إسرائيل. منذ أعلن بن جوريون قيام الدولة العبرية وحين جرت مذابح جنين. أفلح الفيتو الأمريكي- بداية- في منع اتخاذ قرار بالإدانة. ثم تحولت التقارير الدولية عن جرائم الجيش الاسرائيلي- بفضل الدبلوماسية الأمريكية- إلي أوراق ساكنة في أرفف مجلس الأمن وتكرر العدوان الصهيوني علي غزة مرتين. في مدي قصير نسبياً. قتل الآلاف من المواطنين الفلسطينيين. ودمر البيوت والمنشآت والبني الأساسية. ومارس أبشع أنواع المصادرة والإفناء. وحين قدم إلي القطاع مبعوثون من المنظمات الدولية. فإن مهامهم لم تسفر عن نتائج حقيقية. ومنع الفيتو الأمريكي صدور قرارات تلامس نعومة البشرة الصهيونية ثم تكرر العدوان علي غزة. وكما يقول الخبراء فإن إعادة إعمار القطاع تحتاج الي عقود من العمل. فضلاً عن الانفاقات الهائلة التي تحتاجها عمليات إعادة الإعمار.
محكمة الجنايات الدولية تعامل القضايا والمشكلات من زاويتها القانونية. بعيداً- في تصوري- عن تدخلات السياسية ومؤامراتها وسراديبها. لذلك فإن تفعيل انضمام السلطة الفلسطينية الي محكمة الجنايات الدولية خطوة مهمة في طريق إدانة الكيان الصهيني عن مذبحة جنين- والجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم- وعن مذابح غزة وغيرها من ممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية. مواد القانون الدولي هي الفيصل في الوقائع التي تطرح علي المحكمة الدولية. لا مجال- أو هذا هو المفروض- للفيتو الأمريكي. ولا تدخلات الدول الكبري. ولا مؤامرات أجهزة المخابرات المتقنعة بالأداء السياسي.
حمت السياسة الغربية ممارسات الكيان الصهيوني منذ شرَّعت وجوده. وأتاحت إقامة كيان غريب علي أرض عربية. حارب أقطار المنطقة. وشن ما لا حصر له من العمليات العدوانية وعمليات الاغتيال. وجعلت من الوطن العربي- بمؤامراتها- مسرحاً لعمليات الإرهاب. لتحقق لنفسها الأمن علي حساب أمن المنطقة. ولعلنا نذكر ما أعلنته استبيانات الرأي الغربية. من أن إسرائيل بؤرة للتآمر والقلاقل في العالم.
بديهي أن يلجأ الكيان الصهيوني إلي ترسانته الهائلة من الميديا. واللوبي اليهودي في دول الغرب. ودبلوماسية التآمر لإضعاف التحرك الفلسطيني نحو إقامة الدولة المستقلة.
علي قيادات السلطة الفلسطينية أن تهمل الدعاوي العاطفية. وتحرص علي الوقائع المثبتة بالأدلة والحقائق. بحيث يصدر قضاة المحكمة الجنائية أحكامهم وفق بنود القانون الدولي. التي تضمن للدول والأفراد وطناً قوامه الحرية والعدل والاستقرار.