المساء
نبيل فكرى
مساء الأمل .. ضريبة علي الموتي!
لا أدري لماذا استثنت وزارة المالية "الموتي" من دفع ضريبة القيمة المضافة. فهم الأولي بدفعها. ثمناً لراحة أبدية. لتكون الضريبة الأخيرة بعد حياة عاشوا فيها معاصرين لكل أنواع الضرائب. وكل تفانين "الجباية". من حكومات جعلت آخر همها "الغلابة". الذين يدفعون ثمن كل شيء مهما ادعت الحكومة غير ذلك.
الموتي أولي بالضريبة قبل أن ندفنهم. وسيدفع أهلهم الضريبة. حتي لو باعوا بعض "آواني" المرحوم أو ملابسه القديمة. والأهم أن من مات لن يشكو ولن يتبرم. فلم يعد يضيره السلخ بعد الذبح. وكان ذلك يضيره في حياته "الضرائبية".
يبدو أن "القيمة المضافة" ستصبح واقعاً مراً جديداً. يلهب بسوطه الأسعار التي لم تعد تحتاج إلي سوط جديد. فهي تزداد كل يوم. في حالة انفلات غريبة. وغياب تام للجهات الرقابية والتنفيذية. وتبدو كذلك الاستثناءات التي حددتها المالية. لا طائل منها ولا فائدة. فلا الناس تستفيد فعلياً من الخدمات الصحية والتعليمية المتردية. ولا من البريد الذي اقتصر دوره تقريباً علي صرف المعاشات. ولا من البحث العلمي الذي عليه أن يبحث لنا عن اختراع يقينا هذا "الكيّ" اليومي. ولا من خدمات الإنتاج الإعلامي والسينما. وهم أولي بالضرائب. ولا حتي من البترول الخام ومنتجات المناجم والمحاجر بحالتها الطبيعية. وكلها فئات مستثناة. لا أدري سر استثنائها. وكان الأولي أن يعم الطوفان الجميع.. "يا نعيش عيشة فُل.. يا نموت إحنا الكل".
كما أري أنه من الواجب ان يخضع الجميع للضريبة. من قل دخله عن 42 ألف جنيه من الشركات والمتاجر ومقدمي الخدمات. ومن زاد. بدلاً من أن تفتت الشركات أنشطتها. وتتلاعب بالقانون لتكون تحت الحد. ففي النهاية. من سيكتوي بنار الضريبة هو ذلك "الغلبان" الباحث عن مكان في طابور العيش أو المتفرج علي لحمة الجزار.
أتفهم حاجة الدولة إلي موارد للحد من التضخم الأساسي الذي وصل إلي أكثر من 12% وإلي إنعاش الخزينة والموازنة. وأقر جداً بأننا شركاء فيما يحدث وأن "التنبلة" زادت علي حدها. وان مواكب الجالسين علي المقاهي يدخنون "الشيشة" حتي الصباح يحملون أكثر من هاتف محمول.. يتصفحون "الفيس" ويطاردون "البوكيمون" يغري المالية بقدرة هؤلاء وآبائهم علي الدفع. ولكن علي الدولة نفسها أن تعين هؤلاء. وان تخرج بهم من "جب" الكسل والإحباط وقلة الحيلة.
ضريبة القيمة المضافة والتي تأمل المالية أن تحقق نحو 38 مليار جنيه في عامها المالي "2016 ـ 2017" ستضيف أيضاً إلي أعباء الحكومة ذاتها.. قد ترفع معدلات التضخم وتزيد من أسعار الفائدة علي الإيداع والإقراض وترفع كلفة الديون المحلية بما قيمته 26 مليار جنيه وفق توقعات خبراء. وقد تقلص العمالة وتزيد من البطالة. أمام الإحجام المتوقع للمصانع والشركات عن تعيين المزيد. وبالتالي فإن ما يمكن أن تحققه من إيجابيات وفوائد. قياساً بذلك وقياساً بحالة الضجر والألم لدي محدودي الدخل. يتضاءل كثيراً ويجعل المراجعة واجبة. سواء من البرلمان أو من المالية ذاتها.
أذكر أيام إقرار ضريبة المبيعات. ثار ذات الجدل. وساد في الأجواء نفس الترقب. ودافعت الحكومة كما تدافع اليوم. علي الرغم من أن ضريبة المبيعات لم تتوسع في إخضاع الخدمات للضريبة. كما ستفعل القيمة المضافة التي ستطال خدمات المحامين والمحاسبة وكل خدمات المهنيين. باستثناء الأطباء. كما أن الأخيرة أعلي إذ تصل إلي 14% علي ا لأقل. فيما لم تتجاوز "المبيعات" 10%. ومع الإقرار بأن أحلي يوم هو الذي يمضي. وان "اللي بيروح مبيرجعش" إلا أن هذا الشعب يستحق ما هو أفضل من ذلك.. يستحق أن "تتحفنا" الحكومة بأفكار خارج "الصندوق الضريبي".
** ما قبل الصباح:
ـ "الضريبة".. لولا الياء لصارت "الضربة".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف