صفوت عمران
شرعية الانجاز أم شرعية الخطر
انقذ الرئيس عبد الفتاح السيسي مصر من ويلات حرب اهلية حاول الاخوان اشعالها ليبني حاضرا ومستقبلا للوطن الغالي والمتابع لتاريخ مصر الحديث يجد تنوعاً كبيراً في الشرعية التي استند إليها رؤساء مصر السابقون منذ ثورة يوليو 1952 وحتي الآن. فالرئيس عبدالناصر رغم انه ابن الثورة إلا انه اعتمد علي شرعية الانجاز وبناء المشروعات الوطنية مثل السد العالي وانشاء آلاف المصانع وتحقيق العدالة الاجتماعية وكانت تلك عناوين مضيئة. وعندما وقعت النكسة قرر تحمل المسئولية واعلن تنحيه لولا ان أعاده الشعب للسلطة احتراما لانجازه وإخلاصه. بينما اعتمد الرئيس السادات علي شرعية التخلص من الخطر وتحقيق انتصار أكتوبر العظيم. ورغم مشروعه الطموح لم يمهله القدر وتم اغتياله. ليأتي مبارك ويعتمد علي شرعية الاستقرار وإبقاء الوضع علي ما هو عليه. لكن هذا الركود ترك مصر مرتعا للفساد والتناحر والانقسام المجتمعي فجاءت ثورة يناير. وبعد فترة انتقالية جاء الاخوان للحكم انطلاقا من شرعية الصندوق التي أرادوا تحويلها إلي صك يمكنهم من خلالها اختطاف الوطن للاهل والعشيرة واقصاء جميع المصريين. بل ورهن مصر للحلف الصهيوامريكي مما تسبب في ثورة 30 يونيو. ليأتي الرئيس السيسي إلي السلطة وسط آمال وطموحات شعبية واسعة. وإدراكاً لحجم التحديات والصعوبات التي تواجه الوطن.
الواقع ان الرئيس السيسي اعتمد في الفترة الاولي في ولايته علي مواجهةالخطر بداية من وجود إرهاب يضرب الوطن خاصة في سيناء. ووجود مؤامرة خارجية تهدف إلي تقسيم مصر وتفتيتها فيما يعرف بمشروع الشرق الاوسط الجديد. وصراعات دولية معقدة ومتشابكة ومتغيرة باستمرار. وبالفعل نجح حتي الآن في مواجهة اغلبها وهو انجاز يحسب له. ورغم وجود عدد من المشروعات القومية التي اعلن عنها مثل مشروع قناة السويس الجديدة والمليون وحدة سكنية. واستصلاح المليون فدان إلا ان عدم انعكاس ذلك علي معيشة المواطن وأحواله الاقتصادية واستمرار ارتفاع الاسعار ورفع جزء كبير من الدعم. وغياب العدالة الاجتماعية. واستمرار المنطق الطبقي في التعامل مع ابناء الوطن. افقد تلك المشروعات تأثيرها.
الرئيس الذي يتمتع بشعبية واسعة. عليه ان يدرك ان الناس لا تعرف قيمة الحب بينما لا تجد قوت يومها. وان وجع بطونها سوف يشغلها عن دفء القلوب ووعي العقول. لذا فإن انهاك الناس. وزيادة الاعباء علي كاهلهم. خطر كبير لو تعلمون. وان اغلبية المصريين اصابهم الاحباط والخوف من المستقبل. لذا فإن اعادة بناء الثقة بين القيادة السياسية والشعب واجب وطني. ومواجهة خطط نشر اليأس بين الجماهير لا يتم بالتصريحات الوردية. لكنه يحتاج إلي تحسين أحوال المواطنين وتحقيق العدالة بينهم. لذا يجب تغيير الحكومة التي حولتنا إلي دولة جباية. وتعيين اخري تتلاحم مع مطالب الجماهير. لابد من استرداد ثرواتنا المنهوبة ومحاربة الفساد. وإقامة دولة العدل. والنزول إلي جميع ابناء الشعب في القري والنجوع والاستجابة لمطابلهم.
أخيرا يبقي التعامل بمنطق جورج بوش الذي اطلقه بعد احداث 11 سبتمبر "اما معنا او ضدنا" اكبر خطر يواجه الدولة المصرية الان. فالدولة اي دولة تحتاج إلي الرؤية المخلصة. والانتقاد لصالح الوطن.