صابر شوكت
بين الصحافة والسياسة .. تحية السيسي ومأساة الرئيس نجيب!
أحمد الله عز وجل أن أحياني حتي أسمع بنفسي وأشاهد عدالة السماء وإنصاف المظلوم ولو بعد حين.. حينما قام هذا الرجل المهذب الرئيس السيسي بتوجيه التحية لأول مرة للرئيس محمد نجيب أول رئيس لمصر بعد ثورة يوليو المباركة في خطابه الأخير بإحياء ذكري ثورة يوليو.
ولعل شباب هذه الأيام لا يعلمون شيئاً عن هذا بعد أن ظلت كتب التاريخ حتي ثورة يناير ٢٠١١ تنكر الرئيس نجيب وتؤكد أن الزعيم عبدالناصر هو أول رئيس لمصر..! وباستعادة ذاكرة التاريخ أعود إلي أيام شبابي بالعمل الصحفي عام ١٩٨٤ عندما كلفني الأستاذ الكبير إبراهيم سعده رئيس تحرير أخبار اليوم وقتها.. بالتحرك فوراً إلي منزل اللواء محمد نجيب.. في منزله بمنطقة «القلج» بقصر زينب الوكيل الذي اعتقله فيه عبدالناصر منذ التخلص منه عام ١٩٥٤ وذلك لعمل تحقيق صحفي مصور عن أول رئيس لمصر بعد أن شاع خبر وفاته.
وهناك.. اكتشفت انني أول صحفي يدخل منزل الرئيس نجيب منذ اعتقاله.. وقد سمحت لي قوة الجيش التي تتولي حراسته داخل منزله.. بتصوير منزل نجيب لأول مرة.. وعرفت منهم أن الرجل مصاب ولم يتوفي وتم نقله لمستشفي القوات المسلحة بكوبري القبة تحت حراسة عميد بالحرس الجمهوري.
وقبل أن أترك المنزل.. أصبت بصدمة مروعة وأنا أحث الزميل المصور علي تصوير كل شيء بأركان المنزل الرئاسي.. صورنا غرفة نوم الرئيس نجيب بالدور الأول.. وهي «سرير نوم» متهالك بدون مرتبة وبدلها مفروش لحاف يتأفف أي متسول أن ينام عليه.. وتحت سرير الرئيس نجيب «بلاعة» مجاري مسدودة تغرق المكان.. وبعض الكراسي المكسرة يعلوها التراب.. وكان انسداد البلاعة سبب سقوط الرئيس نجيب ونقله للمستشفي.. وقبل أن نغادر للقاء الرئيس المصاب بالمستشفي فوجئت بصوت من الطابق الثاني يدعونا للصعود إليه مرحباً وكان هذا «يوسف» الإبن الباقي للرئيس نجيب.. وكان سائق تاكسي.. وقدماه بالجبس مكسورة من حادث التاكسي.. كان شبه مجنون بسبب المأساة التي عاشها مع والده الرئيس المعتقل رغم انه هو السبب المباشر لنجاح ثورة يوليو.
وهناك سألته.. لو عاد بك الزمن ماذا كنت ستفعل مع رفقاء ثورة يوليو الذين غدروا بك وبأسرتك؟
قال الرجل في شموخ.. رغم انهم ظلموني وأذلوني حتي انهم أوصوا الجندي بضربي بالحذاء عند اعتقالي في منفي سري أثناء حرب ١٩٥٦.. فإنني لو عاد بي التاريخ.. سأرحب بأن ألقي نفس المصير.. من أجل مصر وجيشها.. لأنني كنت قادراً أن أتغدي بهم وأعتقلهم قبل أن يغدروا بي.. ولكن.. الجيش المصري كان سيدخل في مجزرة وقوات الاحتلال كانت مازالت لم ترحل عن مصر بمنطقة القناة.. لذلك ضحيت بنفسي وأنا راض تماماً!.
فقط أنا زعلان انني كنت سببا أن جعلت زبانية جهنم يحكمون شعب مصر بالحديد والنار باسم الثورة وتسببوا في هزيمة كارثة ١٩٦٧.. وجيشنا وشهداؤنا أبرياء منها..
لذلك انني مع السيسي أقدم التحية لنجيب أول رئيس لمصر.