الأهرام
محمد أمين المصرى
تكريس «عصر الأردوغانية»
ربما يكون من أهم النتائج على المدى القصير للإنقلاب العسكرى الفاشل للإطاحة بالرئيس التركى رجب طيب إردوغان، هو تكريس «عصر الأردوغانية» ليحل محل 93 عاما من هيمنة صورة كمال أتاتورك على تركيا منذ ثورته على الدولة العثمانية المريضة. فصورة أتاتورك التى اعتمدتها كافة المؤسسات التركية لتزيين جدرانها بها ، ستحل محلها صورة النجم الجديد أردوغان. نجومية أردوغان لم تصنعها انجازاته لبلاده منذ تبوأه مناصبه المتعددة كزعيم لحزب العدالة والتنمية منذ عام 2002، ولكن نجاحه فى اجهاض الانقلاب العسكرى فى دولة عريقة فى عالم الانقلابات، أدخله فى زمرة الزعماء التاريخيين فى تركيا. وإذا كان أتاتورك اجتهد فى نزع بلاده من العالم الإسلامى والسير بها نحو أوروبا بداية من تغيير الحروف الأبجدية للاتينية، فإن أردوغان رسم لتركيا مسارا اقتصاديا مهما جعلها تحتل المركز الـ11 على مستوى العالم بعد أن كانت دولة فقيرة ترهقها الانقلابات والديون والتخلف السياسى والاقتصادي، مما أكسبه أرضية قوية.

شعبية أردوغان لم تقفز فجأة لعنان السماء فى لحظات، لأنه كرس زعامته لشعبه على مدى سنى حكمه لتركيا بغض النظر عن رأى بعض السياسيين والإعلاميين المصريين فيه الذين هللوا للإنقلاب بشماتة رغم أى أن إنسان عاقل لم يكن ليقبل الانقلاب نظرا لخطورة عودة الانقلابات الى أى بلد فى العالم. فالانقلاب فى معناه الأبسط أن مجموعة صغيرة من ضباط الجيش ترى أنها الأحق فى قيادة البلد بغض النظر عما تحقق للشعب من مكاسب من تكريس مفهوم الدولة الديمقراطية والمدنية والطفرة الاقتصادية، رغم ما يشوبها من أخطاء سياسية مثل الإجهاز أحيانا على وسائل الإعلام والسوشيال ميديا وحرية التعبير بالإضافة للتغول الأمني.

أخيرا، اخفق السياسيون والإعلاميون المصريون الذين أسرعوا بتأييدهم لفكرة الانقلاب والشماتة فى الرئيس التركي، ليؤكدوا قصر نظرتهم فى تحليل الأمور على كافة المستويات، محلية ودولية، وأنهم يكتبون لإرضاء قيادة الدولة المصرية على خلفية الخلاف السياسى الكبير بين أنقرة والقاهرة.

والأسوأ من الشماتة، أولئك المدعين الذين رفضوا نقل أحداث وقفة الشعب والجيش فى 30 يونيو خشية انهيار الدولة الدينية الفاشية، ورأينا هؤلاء ينتفضون لانتقاد تغطية الصحف المصرية وقت الانقلاب التركى، وأثبت أولئك بكتاباتهم العرجاء، أنهم لا يزالون عند غيهم القديم ويدينون بالولاء لأنصارهم القدامى تجار الدين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف