الاحتفالات بتخرج دفعات من الشرطة والجيش هذا العام، لها طعم تانى.. العروض تحمل رسائل واضحة، وتعطى دلالات بالاستعداد الكامل للدفاع عن الوطن.. الرئيس كان فى قمة معنوياته، والتقط صوراً تذكارية وسط الخريجين.. هناك فرق بين رؤساء يهربون من جيوشهم ويختبئون، وآخر يحتضنه جيشه.. الرسالة كانت بعلم الوصول.. ضاعفت الإحساس بالأمان لدى الشعب.. تذكرت مقولتى من جديد «اللى مالوش جيش مالوش وطن»!.
الإشارات كثيرة فى احتفالات الخريجين.. أختار منها إشارة مهمة جداً.. أتحدث عن تلاحم الجيش والشرطة.. فليس عندنا شرطة فى ناحية، وجيش فى ناحية أخرى.. فلا يعرف كثيرون أن طلاب الشرطة يتلقون تدريبات مشتركة مع طلاب الحربية.. هذه رسالة فى منتهى الأهمية.. استحدثها المشير السيسى وهو وزير الدفاع.. كان يضع يده فى يد وزير الداخلية أحمد جمال الدين آنذاك.. تؤكد أن الجيش والشرطة إيد واحدة، فعلاً لا كلاماً!.
فى المقصورة الرئيسية، كان هناك تعانق بين جنرالات الجيش والشرطة.. كل ضابط جيش بجواره ضابط شرطة.. مقصودة.. حالة فريدة من التلاحم لا تجدها إلا هنا.. المقارنات قائمة طوال الوقت.. ماذا حدث فى تركيا؟.. كل جهاز مع نفسه.. الجيش أكثر من فريق.. الشرطة أكثر من فريق.. هناك جيش آخر موازٍ يشبه الميليشيات المسلحة تابع للرئيس.. خلطة إخوانية مدمرة.. عندنا الأمر يختلف، كلنا مع مصر وحدها، جيش وشرطة وشعب!.
كم تمنيت أن يحضر حفلات التخرج الرئاسية أوائل الكليات المدنية.. وأن تكون هناك كتيبة منهم.. لم لا؟.. الحكاية ليست مستحيلة.. نريد أن يظهر الجيش والشرطة والشعب فى حفل واحد.. نريد أن نؤكد هذه الرسالة بكل قوة.. نريد أن يتشربها الجيل الجديد.. الجيش ملك الشعب.. الشرطة ملك الشعب.. الرئيس قال هذا بوضوح.. الجيش بتاعنا ومنّا ولينا.. جملة لخصت كل شىء.. أيام الثورة كنا نحبه ولا نخاف منه، ونلتقط «السيلفى» مع جنوده!.
لاحظت أن الجيش هذه المرة الأعلى تدريبات والأعلى معنويات.. ليس شعوراً من فراغ.. هناك بالفعل قطع جديدة دخلت الخدمة.. هناك حاملة طائرات «ميسترال».. هناك طائرات «رافال» لأول مرة.. هناك إحساس بالنصر فى «معركة الإرهاب».. وهناك قائد يرى نفسه فى مهمة إنقاذ وطن.. كنا نصفق للخريجين وهم يؤدون التدريبات بكل قوة.. وكأننا نشد على أيديهم.. وكأننا نقف من خلفهم.. وكنا نبكى بحرقة فى الوقت نفسه على شهداء الوطن!.
الإعلان عن وجود ذخيرة حيّة فى التدريبات كان رسالة مقصودة.. للخارج أولاً.. شىء توقف منذ حادث المنصة.. لم تكن هناك ذخيرة حية فى العروض العسكرية.. الآن عادت فى عهد السيسى.. حالة ثقة.. تؤكد من جديد فكرة الالتحام بين القائد وجيشه.. والقائد وشعبه.. الالتحام بين الجيش والشرطة.. لأنها أجهزة وطنية.. فقط فى خدمة الوطن.. لم يمزقها السيسى، كما كان يريد مرسى.. الجريمة التى ارتكبها أردوجان، فكانت هى الأداة للإطاحة به!.
لا أتوقف عند فكرة التلاحم فقط، ولكن أتوقف أيضاً أمام نقطة فى غاية الأهمية، وهى أن الجيش المصرى جيش العرب.. فلا تخلو دفعة من أشقاء، من أول فلسطين والكويت والبحرين، مروراً بالسودان وجنوب السودان، وانتهاء بقطر.. هذه هى مصر الحقيقية قلب العروبة.. تعرف أن عندها مهمة أساسية، لا تنساها مهما حدث!.