الفجر
ايمان كمال
كفانا حروب
يقولون بأنه فى العالم الموازى «الآخرة» سننعم بكل ما لذ وطاب من الحياة الرائعة الوصف، فبديهى بعد حياة قضيناها فى كبد أن نتذوق حلاوة النعيم، بعد أن أدينا مهمتنا فى الحياة والتى يتلخص تعريفها البسيط المعتاد «بعبادة الله وإعمار الأرض.... إعمار الارض»!!

نعم تلك الأرض التى لم تعد تحتمل من عليها فباتت خرابا استحكم وضاق على من حوله..

اختار لنا الله أن نكون شعوب وقبائل!

قبائل وأديان لا حصر لها.. ولكل قبيلة ما يشكل أعرافها وحياتها.. وفى العاصمة حيث التوهان كان اللجوء للصعيد هو البحث عن كينونتى الضائعة..

الصعيد العالم الثرى والغنى للدراما وعالم القلش والنكت.. وبالرغم من الصورة النمطية والسخرية للنموذج الصعيدى فى هذا أو ذاك لم أشعر يوما بأن الصعايدة عار أو تهمة.. «فلا هم أغبياء ولا ماشيين يقولوا يابووووى زى المسلسلات».

فى خناقات وخلافات الصعايدة «الناس دى مبتهزرش».. لا يوجد عندهم كلمة معلش ولا طبطبة فهو عالم القوة والمال.. وبالرغم من ذلك أيضا لم تهزمنى يوما انتماءاتى الصعيدية التى ولدت بداخلى منذ الطفولة بحكم الأصول..

لم تهزمنى الاحباطات المتتالية فى تلك البقعة المنسية، حتى يبدو وكأنها جمهورية منفصلة بنفسها تنأى بعيدا عن عالمنا الصخب، لعالم أصبح يهدد تلك الدواعم والثوابت داخلى.

وفى السينما خيال

«كادر الهلال مع الصليب فى الشاشة.. مسلم يصافح مسيحياً ووجه بشوش جميل.. حسن ومرقس اصحاب مهما كانت الظروف.. مصر بلد الأمن والأمان «لامؤاخذة» » حد يقدر يقول غير كدا على الشاشة؟ !.

كلنا فى مصر إخوة مسلمين ومسيحيين كلنا فى مصر متسامحين وحلوين ومفيش زينا.. وطبعا الكلام دا على الشاشة فقط.. لكن فى الواقع اختار لنا الله الحياة واخترنا الموت.. اختار الله لنا السلام واخترنا الحرب.. ترك الله لنا حرية الاختيار ونصر على الاجبار.. اجبار من أمامنا بأن يعتنق عقائدنا ويعيش بطريقتنا ويتبع قواعدنا.. اختار لنا الله مصر واخترنا نحن لمصر «الضياع» ورائحة الدم.

مصر التى نراها فى السينما وعلى الشاشة لم تعد.. سقطت من الكادر، يلهث أبناؤها وراء الدمار، فكل من نختلف معه هو مجرم ويستحق القتل، ففى المنيا حيث انتمى هزمت اسطورة الصعيد بداخلى.. كسرت حاجز المحبة والتقدير وكل نظريات الانتماء والأصول..

المنيا فى الكادر الآن عبارة عن نهر من دم الأقباط وهزائم متتالية لمن هو غير مسلم.. أطفال فى عمر الزهور فى قضية ازدراء الأديان، امرأة مسيحية تتجرد من ملابسها وأخيرا «عركة» وقتل أقباط لقرارهم بناء كنيسة، ومزيد من الضحايا والفتنة، فى المنيا المنسية التى لا أراها فى زياراتى القصيرة المتقطعة مزيج من الكراهية والفتنة لكل من هو مختلف معك فى الدين والرأى.

يحاوطنى الشعور بالعجز والقهر والوجع.. فى الماضى كان الكادر يحمل فى طياته صورة حسن ومرقس وكوهين والآن الكادر لا يحتمل حتى لا حسن ولا مرقس.


تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف