نصف الدنيا
فاطمة ناعوت
وادي الظلام
أجدادي الذين رحلوا

هذه أختي

وزوجتي وحبيبتي

فأرسلوا طيرَكم أبابيلَ

تطاردُ القبحَ في أرضِ طِيبةَ

أرضِكم فلا شدوًا أُغنّي

عند بلاطِكم

حتى تعودَ حبيبتي

من أسفارِها



ثمّةَ عاشقٌ

يرسمُ وجهَ حبيبتِه

على أسطحِ البنايات

لأن حبيبتَه

منفيةٌ

في بلادِ السكونْ.



ثَمَّ تشارينُ

تزرعُ القُطنَ

أبيضَ

نُدَفًا

فوق حوافِّ النوافذِ

فيصيرُ عيدٌ

بغيرِ فرحْ.



وثَمَّ فرحٌ

عابرٌ

سريعُ الخَطوِ

يحقِنُ الورودَ

بماء قلوبِنا

فترتوي عيدانُها

وتغدو عيدانُ أجسادِنا

نحيلةً

شاحبةً

كقوسِ قُزَحٍ

يخبو في السماءْ.



تخفُّ قِبابُ الروحْ،

حتى نغدوَ

هواءً

بلا وطنٍ

يطيرُ بعيدًا

فوق صفحةِ النهرِ البعيدْ.



ثمَةُ سيقانُ أكاسيا

ترفضُ الموتَ غيلةً

تتمرَّدُ على معاولِ الحطَّابين

لكيلا تغدوَ

مشاجبَ

تتأرجحُ منها الأمكنةُ

والعطورُ

عند أعناقِ الثيابْ.



ثَمَةُ شاعرةٌ

تجوبُ الصحاريَ

بورًا قاحلاتٍ

لتزرعَ الرمالَ تمرًا وكَرْزًا

ثم تأوي إلى جزعِ نخلةٍ

تُناجي الجبلَ الذي

حَسِبتْ صخورَه

يومًا تُغنّي

فما كان ما ظَنّتْه شدوًا

إلا

رجعَ صدى شدوِها.



ثمّة عاشقٌ

حزينٌ

يزورُ البحرَ وحيدًا

لأن حبيبتَه مدفونةٌ

في بلادِ الرمالْ

غير أنّه

يملأ الشاشاتِ بالهوى،

يرسمُ الأغانيَ

فوق صفحةِ الماءْ

فيتناثرُ الموجُ

فوق ضريحِ الحبيبةِ

قائلا:

«كوني بخيرٍ

يا رفيقةَ دربي

واسلمي

للشِّعرِ

وللحياة».



ثمة متوحِّدٌ

ووحيدٌ

يخافُ أن يموتَ زهرُ المشمشِ

على أغصانِه

فيصرخُ في وادي الملكاتْ:

يا أجدادي الذين رحلوا

هذه أختي

وزوجتي

وحبيبتي

فأرسلوا طيرَكم أبابيلَ

تطاردُ القبحَ في أرضِ طِيبةَ

أرضِكم

فلا شدوًا أُغنّي

عند بلاطِكم

حتى تعودَ حبيبتي

من أسفارِها

ولا قرابينَ من حقلي

على مذابحِكم

حتى ترفعوا رُفات حبيبتي

من قبورِ القضاةْ

ولا صلاةً أرفُعها أمام ريشةِ ماعِتْ

حتى تتجلّى الإلهةُ

وتُعيدَ الحقَّ

إلى وادي الظلامْ.



نعم يا حبيبي

أنا ظَبيةٌ

ترنو لنبالِ القنّاصينَ

مُصوّبةٍ نحو جيدِها

لكنها

تسعى إلى القنصِ الذي

لا خوفَ بعدَه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف