المساء
عياد بركات
ويتجدد اللقاء .. هادمو .. الحضارات!!
أسعدني أول تصريح للأستاذ عمرو الشوبكي. بعد إعلان فوزه بمقعد مجلس النواب.. قال الشوبكي: "إن القضية الأولي التي سيتبناها المجلس هي قضية التعليم".. وأي إنسان يحب مصر سواء في مجلس النواب أو في الشارع. فإن قضية التعليم وإعادة الشيء لأصله. يجب أن تكون قضيته الأولي والأولي مكرر أيضاً!!
انظر حولك.. إن التعليم وجودته يرفع أقواماً ويخفض أخرين.. الجارة العزيزة تركيا لو أن "أردوغان" نال قسطاً وافراً من التعليم. ما كان هذا حاله وحال تركيا. التي ابتليت بشخصه.
حسن الساعاتي البنا. الذي أسس جماعة "الإخوان" المارقة. لو أنه نال قسطاً وافراً من العلوم الاجتماعية الطبيعية المتنوعة لما كان قد اختار الطريق الخطأ.. باستخدام الدين وسيلة للسياسة والوصول للسلطة مما تسبب فيما يعيش فيه العالم العربي اليوم.
إن أسوأ ما لجأ إليه الساعاتي البنا هو وضعه هدفاً أساسياً لجماعته وهو إعادة الخلافة التركية التي جرَّت علي العالم العربي ما لم يجره عليه أي فترة حكم عاشها لا قبله ولا بعده.
تعالوا نقرأ ما نشرته الزميلة "الأهرام" يوم 16 يوليو الحالي لمحاضرتين ألقاهما عميد الأدب العربي د.طه حسين. طيَّب الله ثراه. في الرباط والدار البيضاء بالمغرب عام 1957. قدمهما أ.نبيل فرج.
لقد كان حديث العميد حول الأدب العربي سقوطاً ونهوضاً في فترات الحكم السياسي التي مرت بالعالم العربي. يقول العميد في محاضرته الأولي: "أخص ما يحيي الأدب هو الاتصال بين الأمم الأخري. ومن أجل ذلك لم يكد التُرك العثمانيون يسيطرون علي العالم العربي. حتي قطعوا كل صلة بين العالم العربي وبين الخارج. وفرضوا علي هذا العالم العربي أن يعتزل وأن يعكف علي نفسه. لا يتصل بالعالم الخارجي في أوروبا. ولا يكون له اتصال حتي بين أجزاء العالم الخارجي. واضطرت الأمة العربية أن تعكف علي نفسها".
وفي محاضرته الثانية يتطرق الأستاذ العميد لنفس القضية قائلاً: "أقبل التُرك العثمانيون علي مصر. فهدموا الحضارة الإسلامية في الشرق العربي. كما هدموا الحضارة البيزنطية في القسطنطينية. وجري هذا كله في أقل من قرن واحد. هدموا هاتين الحضارتين. ولم يؤتوا العالم حضارة تقوم مقام إحداهما. فضلاً عن أن يؤتوا العالم حضارة تقوم مقام الحضارتين جميعاً".
يضيف العميد: "لقد كان الأدب قبل الغزو العثماني. له حظ من حياة مهما تكن.. فقد كانت قوية خصبة منتجة".
وفي عصرنا الحالي ابتلينا بجماعة تريد عودة الترك العثمانيين. وابتلينا بقادة لهذه الجماعة هناك مآخذ علي ثقافتهم وتعليمهم. مما يجعلهم امتداداً لعصور الظلام والظلم..ومع احترامنا الكامل لكليات عظيمة تخرج فيها قادة الجماعة الإرهابية مثل كليتي الطب البيطري. والتربية الرياضية. إلا أنهما كليتان لا تهتمان بالدراسات الاجتماعية المختلفة التي توسع المدارك والآفاق كالفلسفة. وعلم النفس الاجتماعي ودراسات أخري يعرفها رواد التعليم.
ومشي علي ذلك باقي القيادات للجماعات المتأسلمة التي ابتلينا بها: "أبوالفتوح" في مصر القوية.. علم واحد جاف هو الطب.. و"أبوالعلا ماضي. وسلطان. والزمران" وغيرهم كُثر!!
إذن نحن نحتاج تقويماً للعملية التعليمية لتصحيح كل معوج علي الساحة.. ولنلحق بركاب أمم كانت وراءنا وأصبحنا خلفها.
لقد حثنا الرسول الكريم بطلب العلم ولو في الصين. وحرضنا علي الحوار. والأخذ والرد. وطلب المشورة. ولم يحرضنا علي ضيق الأفق. والرأي الواحد. لقد كنا قدوة للأمم.. ثم أصبحنا عبئاً علي الأمم.. ولله دَر المتنبي حين قال:
أغاية العلم أن تحفظ شواربكم..
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم
.. والموضوع متواصل
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف