عبد الرحمن فهمى
مشيرة خطاب وجامعة الدول العربية
كانت هناك مباراة سنوية تقليدية بين مصر وجنوب أفريقيا تقام بمناسبة عيد ميلاد مانديللا كل عام علي الملعب الرئيسي في جوهانسبرج.. وكان مانديللا يرتدي فانلة الفريق وينزل الملعب ليطلق "الباصة الأولي" - فرست كيك - وكان عادة يرسل الكرة لفريق مصر!!!.. في آخر مباراة.. كانت مشيرة خطاب سفيرة مصر في جنوب أفريقيا.
وكان شيئا طبيعيا أن أكتب عن الرحلة بعد عودتي.. وفي نفس اليوم الذي ظهر فيه المقال اتصلت بي السفيرة مشيرة خطاب تليفونيا من جنوب أفريقيا لتسألني:
- هل ما كتبته اليوم عني مجاملة أم حقيقة أنت مقتنع بها؟؟
- قلت لها: هل معقول إن الجريدة وصلت جنوب أفريقيا بهذه السرعة؟؟!.. بين القاهرة وجوهانسبرج 14 ساعة داخل الطائرة!!! 14 ساعة طيران غير السفر وإجراءاته؟؟.. هل هذا معقول؟؟
فقالت لي: أبدا.. زوجي في القاهرة وقرأ المقال ثم اتصل بي الآن تليفونيا وقرأ لي المقال.. ومن إعجابه بالمقال قال لي: هذا شعر وليس مقالا عاديا.. ولابد أن أقرأه لك.
قلت لها: انت بنت حلال.. بعد أن قرأت أنا المقال اليوم.. فكرت أن أتصل بك لأعتذر لك!!
هتفت متعجبة: تعتذر!!!.. لماذا؟؟؟
- أعتذر لأن عقلي وذاكرتي لم يتعاونا مع قلمي لكي أعطيك حقك كاملا.. أنا ذكرت نصف الحقيقة.. فقط!!
هنا انطلقت ضحكة عالية نسائية محببة ثم تقول لي:
- كلامك مثل كتاباتك بالضبط.
***
.. بالفعل.. مشيرة خطاب كانت الوجه المشرف لبلد حضارية عريقة.. تتفق مع جنوب أفريقيا في أخطر وأهم ما تتمناه أية دولة.. وهي الاستقلال وجلاء المحتل.. حينما تذكر جنوب أفريقيا ومانديللا "عشرون عاما في زنزانة" تتذكر مصر وسعد زغلول تتذكر الهند وغاندي.. بل مانديللا كان يحارب الاحتلال والعنصرية البغيضة أيضا في وقت واحد.
عاد.. بعد انتهاء المباراة يسافر الفريق وجهازه الفني وكان بقيادة المرحوم الجوهري في هذه الرحلة بالذات ومعهم الوفد الإعلامي.. وتبقي قيادة البعثة في لقاءات وزيارات.. تشعر خلالها بقوة شخصية مصر ومكانتها في القلوب والعقول ممثلة في سفيرة لبقة مثقفة متحدثة لبقة بخلفية تاريخية وحديثة في هدوء وباقتناع.. حينما تتحدث يصمت الجميع.. وحينما تصمت تستوعب كل ما يقال.. وكانت هذه إحدي مميزات عبدالناصر حينما عاشرته خلال الثلاث سنوات الأولي من الثورة.
***
باختصار.. لا شك أن اختيار السفيرة مشيرة خطاب لترشيحها باسم مصر لرئاسة اليونسكو اختيار صادف أهله فعلا..
وأصبح السؤال هو:
- ما موقف جامعة الدول العربية من هذه الانتخابات التي ينافسها فيها مع الأسف الشديد شخص عربي!!!.. تماما مثلما حدث في انتخابات "الفيفا" فخسرنا مقعدا يتحكم في العالم كله وهو رئاسة الفيفا بفارق ثلاثة أصوات!!!
ما رأي هؤلاء الموجودين الآن في نواكشوط والمسافرين إليها اليوم؟؟.. إذا لم يناقش الرؤساء هذا الموضوع أيضا كما فعلوا من قبل في انتخابات الفيفا.. أرجو أن ينسحب وفد مصر فورا.. كفاية مهازل!!!