المصرى اليوم
ايمن الجندى
عائلة الأسود
لا أحب الأسود ولا أريد أن يخاطب لسانها لسانى!، من غير المعقول أن تطالبنى بحب كيان مبرمج على قتلى!، أعرف أن جيناتها تجبرها على اصطياد الفرائس، ما دامت لا تأكل العشب. وليس من الوارد طبعاً أن تذهب إلى محل عم «عبده» لشراء ساندويتشين كفتة بالسلطات. وأعرف أيضا أننى آكل اللحم مثلها. بل ربما كان الإنسان أكثر وحشية كونه يقتل للتسلية. لكننى لا أحب الحضارات التى تتخذ رمز الأسد، هذا جدير بالقوة الغاشمة التى لا تعرف الرحمة مثل المغول. وأحب الحضارات الآسيوية التى تتخذ رمز الفيل! الفيل الطيب العملاق! القوة العادلة القادرة على حماية نفسها ولكنك تستطيع أن تسير بجوارها وأنت آمن على حياتك! لن يبطش بك أبدا ما دمت لم تحاول أن تؤذيه.

هناك فى الحقيقة أسباب أخرى تدفعنى لكراهية الأسد. أهم هذه الأسباب أنه عالة على الأنثى (اللبؤة). وليته اكتفى بهذا فقط، ولكنه مثل أى بلطجى يجلس فى البيت لا شغلة ولا مشغلة، ينام حتى الظهر، ثم يصحو فيتثاءب فى كسل، باحثا عن شىء يفعله حتى تعود زوجته التى تكدح فى خدمة بيوت الآخرين، حاملة الطعام التى تفضلت به صاحبة البيت مع أجرة الخدمة!، ثم ماذا تكون النتيجة يضربها ويأخذ مالها ويأكل النصيب الأكبر من اللحم، لا لشىء سوى أنه ذكر وغد.

الأسد يفعل الشىء نفسه. ينام عشرين ساعة فى اليوم! لا يشارك فى الصيد إلا نادراً! عندما تكون الفريسة ضخمة مثل الزرافة. أما الأنثى فهى التى تقوم بكل العمل. ثم ماذا يكون جزاؤها؟ ستعرفون بعد قليل.

الحياة الاجتماعية للأسد تسير على النحو التالى: الزمرة هى مجموعة من الإناث التى ترتبط برابطة أمومية (الأم- الخالة- الابنة- ابنة الخالة)، وهذه اللبؤات هى التى تقوم بكل العمل، ليس فقط رعاية الأشبال وإنما توفير الطعام.

إنه نظام محكم لا يمكن تفسيره إلا برب عظيم حكيم. فى البدء يتم تحديد الفريسة المستهدفة وسط القطيع. الأمور لا تسير عشوائياً. إنهم يبحثون عن عجل صغير أو ثور مريض عند أطراف القطيع. بعد تحديد الهدف تهاجم اللبؤة الأولى القطيع فتثير ذعره وتشتت انتباهه فتبدأ غرائزه الأولية فى الركض، حينئذ تتدخل اللبؤة الثانية لتوجيه الفريسة المستهدفة إلى مسار معين، وفى اللحظة المناسبة تنقض اللبؤة الثالثة تعاونها بقية الزمرة. مقاومة الفريسة تدفع الأسود بغريزة محكمة إلى القتل السريع. والقتل يتم عن طريق الضغط على الحنجرة حتى يتوقف دفق الهواء وتموت الضحية. وقتها ماذا تتصور أن تفعل اللبؤات الكادحات المتضورات من الجوع؟

تخيل ما يحدث! إنها تتنحى لأن الذكر قادم بسلامته بعد الهنا بسنة! شىء يثير الغيظ فعلاً. هذا الوغد لم يفعل شيئاً على الإطلاق ولكنه يأكل وحده عشرين كيلو، ولا يسمح للإناث بأن يأكلن معه. وبعد أن تزهق روحه من فرط الشبع يذهب لينام عشرين ساعة أخرى.

منتهى الاستفزاز. والعجيب أن اللبؤات راضيات طيّعات. للطبيعة قوانينها الخاصة التى تعلو على فهمنا. ولعل لذلك نظيراً بين إناث البشر. المرأة التى يلين لها زوجها تصبح غير راضية بشكل ما، والمرأة التى (يطيّن) الرجل عيشتها فإنها تسعى لإرضائه. أعترف بعجزى عن فهم إناث الأسود ونساء البشر على حد سواء.

عزائى الوحيد أن هذا الأسد سوف يأتى ذكر آخر يطرده من مملكته، ويستولى على زمرته فى يوم ما. وقتها يصبح متشرداً بمعنى الكلمة، جريحاً غير قادر على اصطياد الفرائس، حتى ينتهى به الأمر لأن يموت من الجوع.

ولعله حين يلفظ أنفاسه الأخيرة يدرك عاقبة الاستنطاع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف