المصريون
رضا محمد طه
رخاوة الإرادة وتكرار الخطأ
أن تفعل نفس الشيء بنفس الأسلوب وبنفس الخطوات وتنتظر نتيجة مختلفة، ذلك كما يقول "أينشتين" هو الغباء بعينه. ذلك ما نراه ويتكرر ممن لديهم سلطة إتخاذ القرار في بعض الإدارات والمؤسسات عندنا، بل نراه في الكثير من الناس بالمجتمع في حياتهم الخاصة، مما يعني كما يقولون "حرث في المحروث" أو "طحن بلا دقيق". طالما إختفت ثقافة "الثواب والعقاب" وكذلك التقييم الدوري للمسئولين أو من يديرون في المؤسسات، فغالباً ما تتكرر الأخطاء منهم، ولا ينشغلون سوي بكيفية إرضاء رؤسائهم-بأي صورة من الصور المختلفة التي تنتشر في نهجنا الإداري-وآخر ما يفكرون فيه هو الإنجازات أو التغلب علي العقبات وحل المشاكل الأزلية عندنا. يقع البعض في الخطأ مرات ومرات، إما لغياب الرؤية الصحيحة أو مكابرة وعناداً أو خشية أن يتحمل ثمن التغيير المطلوب لتفادي الخطأ، لذلك يفضلون أن يظلوا في موقفهم الخطأ وينسون كما يقول الخبراء أن الفشل جزء ضروري من عملية النجاح، فلا مجال للعناد أو المكابرة أو السير بأكثر مما ينبغي في الطريق المظلم إن طال حيث لا نور في آخره وعليك أن تغير في خططك. يقولون أن النجاح في الحياة عموماً لا يرتبط بقوة الشخص البدنية أو حتي ذكاءه الشديد بقدر قدرته ومرونته علي التغيير أو التكيف مع متغيرات حياته ومراحلها وكذلك التغيير والتقدم فيما يحيط به لفهم وإستيعاب كل جديد خاصة في مجال عمله أو ما هو ضروري للحياة العصرية. ولا يرتبط نجاح الأفراد أو المؤسسات بقدر ما يمتلكونه من معلومات أو معرفة فقط وإنما بما لديهم من مقدرة علي طريقة إستخدام تلك المعلومات للإستفادة منها وتوظيفها بما يتناسب مع الظروف المحيطة هذا بالإضافة الي التخطيط والتفكير الجيد والرؤية المستقبلية لأمورنا جميعاً. ما أكثر من يمتلكون القدرة والعلم لأخذ القرارات الصحيحة في وقتها، لكن للأسف تنقصهم الإرادة فيترددون أو ينتظرون رأي آخرين-قد يكونون أقل منهم خبرة- أو أعلي منهم منصباً لا لشيء سوي أن يُنسب الفضل لرؤسائهم كي يرضوا عنهم. هذه الأمور منتشرة في المجتمعات الإستبدادية "الأبوية" والتي يغلب عليها منطق الوصاية الذي يتعلمه ويتربي عليه البعض-منذ الصغر- سواء في الأسرة أو المدرسة أو مكان العمل، لذا نري رجال كبار لا يستطيعون العيش إلا في ظل التبعية لغيرهم مما جعل أحد الحكماء يقول "كل دعوة تدعوني إلي أن أترك غيري يفكر لي نيابة عني، وما عليّ إلا التنفيذ، هي عبودية نفسية وإهدار للأدمية والتفريط في حق نفسي......فإذا كنت تثق في نفسك حقاً، فلا تُزعج الآخرين بالإلحاح عليهم في كثرة أسئلتهم عن قدرتك علي النجاح لأن الإحجابة عندك لا عندهم". روي الترمذي حديث للرسول صلي الله عليه وسلم يحثنا علي الإستقلالية في التفكير وعدم طمس شخصيتنا مهما كانت الاحوال فيقول فيه "لا تكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا".

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف