زكى مصطفى
يا مبدعين.. يا.. أهل المغني وتشويه تراثنا
شيء في منتهي السخافة و"الجليطة" تحول بمرور الأيام الي ظاهرة في غاية السوء والكسوف اعتدناها بين الحين والحين من خلال الالحاح بتقديمها عن طريق أغنيات الأفلام ـ إياها ـ والاعلانات الركيكة في كلماتها والتي يتم تركيبها علي ألحان شهيرة جدا لعمالقة من كبار المطربين والمطربات والملحنين ومنها ألحان دينية ووطنية ما يشوه دائما ألحانا عرفت بحلاوتها ورصانتها وأصبحت تراثا عزيزا علينا.
أحدث هذه السخافات التي أثارت انتقادات الجميع ـ جماهير ونقاد وفنانين ـ لتشويهها تراثنا الغنائي والاساءة لرموز الطرب في الفيلم السينمائي ـ 30 يوم في العز ـ الذي عرض مؤخرا وتضمن أغنية اسمها "مطمرش" للمغني محمود الليثي علي أنها من ألحانه وكلمات ملاك عادل لكنها جمل لحنية ـ ملطوشة ـ من الأغنية الشهيرة "جميل جمال" للموسيقار الخالد فريد الأطرش.. وبدلا من كلمات "جميل جمال.. مالوش مثال" أصبحت الكلمات: "خليك علي وضعك.. خون حبه وبيع حبه.. اللي أبوه مربهوش في الدنيا.. حيتربي..پاظلم وبيع علي وضعك.. حور وصيع.. مين قدك".
هذه الكلمات المسفة... والألحان الملطوشة.. ألا تصيبنا بنوع من الخلل في حاسة السمع.. ومع انها عملة رديئة وثقافة هابطة.. الا انها تطرد الثقافة الرفيعة وأيضا الفنان الجيد!
لابد من وقفة ضد من يقدمون "الفن المقلد المشوه" أو الأعمال التي سبق تقديمها من قبل.. ولكن بعد التشريد.. تماما.. مثل الترزي الذي يقلب قماش البدلة القديمة ثم يعيد تفصيلها.. للأسف أصبحت صناعة الفن.. مباحة.. متاحة.. لكل من هب ودب.. مفتوحة علي البحري.. ونجد من المألوف ان تجد محلا للجزارة وبيع اللحوم تحول الي شركة انتاج فني.. سينمات أو غنائي.. باعتبار ان تجارته في الحالتين مع "اللحم الجاموسي".. والبشري!
لقد أصبح التمثيل والغناء مستباحا لمن لديه القدرة المالية والرغبة في الكسب ولا تهم الموهبة أو الدراسة الأكاديمية.. لا ننظر الي الفنون علي انها رسالة.. ولكنها للكسب المادي بأي أسلوب.. حتي ولو علي حساب الذوق العام بتشويههم للأعمال القديمة الأصيلة التي يقتبسونها لعدم مقدرتهم تحقيق النجاح بمفردهم!
المسئولية ـ في رأي ـ تقع علي عاتق جمعية المؤلفين الملحنين وناشري الموسيقي التي تستطيع عدم الترخيص لتقديم هذه المهازل التي ترتكب في حق رموزها أمثال فريد الأطرش الرئيس الأسبق للجمعية.. أيضا نقابة المهن الموسيقية لاستطاعتها اصدار قرارات بوقف المطرب المخل أو المطربة المخلة ومحاسبة من ينتجوها.. وياليت الجمعية مع النقابات الفنية الثلاث: والسينمائية. التمثيلية. الموسيقية. يلتقون في مؤتمر أو ندوة أو دائرة مستديرة لبحث هذه الظاهرة وموضوعات أخري كثيرة تشغل الأسرة الفنية ولابد من التوصل الي حلول لها.. وحتي لا يقال ان مصر أصبحت مفلسة ابداعيا.. بدليل ان السطو يتم ـ عيني.. عينك.. من الفن الحقيقي الصادق في الأزمنة الماضية.. الله يرجعها!