المساء
محمد جبريل
ع البحري .. رمسيس يعاني!
بعد أن أنهت اللجنة المسئولة نقل نسخة تمثال رمسيس إلي موضعها الحالي في طريق المطار. أكدت المهندسة المشرفة إن المعني الذي أرادته اللجنة باتجاه التمثال ناحية القادمين إلي المطار. هو أن يتعرف القادم من الخارج- عندما ينظر إلي الخلف- إلي الملامح الظاهرة للتمثال.
ظني أن الدعابة لم تكن واردة. وان المهندسة كانت تقصد المعني تماماً. ربما حتي لاتعتذر نيابة عن اللجنة المسئولة. حاولت الضحك علي الذقون بوضع العكس عكاس- علي حد تعبير مسرحية عادل إمام- فلا ينظر زائر القاهرة إلي التمثال الجرانيتي إلا بعدأن يخلفه وراءه!
لو أننا سايرنا المهندسة في تصريحها الجاد أو المداعب. فلعل الوضع الحالي للتمثال حتي لايشاهد القادم إلي القاهرة ما يعانيه رمسيس علي أيدي هواة الشخبطة واللخبطة والكشط من كتابات أساءت إلي قيمة التمثال بعبارات تختلف عما اطلق عليه استاذنا سيد عويس هتاف الصامتين هي مجرد كلمات ساذجة أو نابية. تعبر عن مشاعر العنف في نفوس اصحابها.
كما اري. فإن التباهي بحضارتنا الضاربة في أعماق التاريخ تلغيه التصرفات التي تنفي الاحساس بهذه الحضارة.
من حقنا ان نعتز بحضارة الاف السنين. وإن كنت أعود بهذه الحضارة إلي بداية اختراق النهر لضفتيه. وانطلاقه إلي صحراء الدلتا ليشكل من العدم حياة. وهو ما اصطلح علي تسميته بالوجه البحري أو الدلتا. نحن اصحاب حضارة تمتد في عمق التاريخ ملايين السنين. شهدت بدايات تخلق الحضارة الانسانية. أو فجر الضمير في وصف عالم المصريات برستيد.
لماذا لايقترن هذا الاعتزاز بالحرص علي اتصال الحضارة المصرية بواقعها الآني. واستشرافات المستقبل؟
نجا تمثال رمسيس محطة العاصمة من مصير تمثال رمسيس المطار. بعد نقله إلي المتحف الكبير في منطقة الاهرام. لم أشاهد التمثال في موقعه الجديد. وإن كنت أثق أنه سيحظي برعاية تفتقدها نسخة طريق المطار.
الوعي قضية يجب ان تكون لها الاولوية في التعامل مع انفسنا. ومع الآخرين. لا تكفي الشعارات المبهرة. الاهم ان نعي هذه الحضارة. ما مثلته في العالم القديم. وما يجب ان تقدمه إلي العالم الحديث.
الحضارة وعي وليست مجرد عبارة بليغة عندما نعي الحضارة فإن أفكارنا. وتصرفاتنا بالتالي. تمضي في ذلك الاتجاه. عبر البيت والمدرسة والعمل والطريق. وكل الاماكن التي تصنع شخصيتنا الحضارية. وتضيف إليها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف