المصرى اليوم
عباس الطرابيلى
الصراع.. على تورتة الثانوية العامة
ظهرت نتيجة الثانوية العامة.. وبدأ الصراع على من يفوز بالكعكة.. أى تورتة الثانوية العامة.. وهى فعلاً تورتة ثمينة.. إذ كما كانت الدروس الخصوصية فى كل المواد، حتى الدين والتربية الوطنية، هى ميدان الصراع بين المدرسين الخصوصيين والسناتر، أى مراكز تجميع الطلبة داخلها بالمئات من أجل الحصول على كل ما فى جيوب الآباء والأمهات.. وقد تجاوزت هذه الحصيلة أرقاماً بمليارات الجنيهات.. وهى مبالغ تحلم بها الوزارة حتى لو أعادت التعليم بمصروفات وألغت المجانية!! ولكن لماذا هى تورتة.. ولماذا يتصارع عليها الكل؟!
ببساطة فإن إجمالى مَن سوف يلتحق بالجامعات الحكومية ومعاهدها لن يصل إلى نصف عدد الناجحين.. وبالتالى فإن أكثر من نصف الطلبة سوف يبحثون - كل حسب إمكانياته المادية - عن جامعة خاصة تقبله.. أو معهد خاص.. ذلك لأن 15.8٪ من الطلبة تجاوزت درجاتهم 95٪، وهؤلاء هم طلبة المرحلة الأولى من التنسيق.. وإذا قلنا إن مثلهم هم مَن يدخلون المرحلة الثانية.. فإن النصف الآخر أصبحوا لقمة سائغة، خصوصاً من تتراوح مجاميعهم حول نسبة 65٪ و50٪، وهم ليس أمامهم أى فرصة للالتحاق بالجامعات الحكومية ومعاهدها.. ولكنهم يحلمون بالشهادة العالية.

وهناك شريحة أخرى يصل عددها إلى 117 ألفاً ينتظرون ملاحق الدور الثانى، ومنهم حوالى 50 ألفاً يدور مجموعهم حول الخمسين بالمائة.. وهذه مأساة أخرى.

وكأننا بهذه النتائج السيئة نلقى بأولياء الأمور إلى أحضان الجامعات الخاصة، وبالذات تلك التى تستهدف الربح المادى.. ولا شىء غيره.. وهذا هو سر هذا التكاثر غير الشرعى فى هذه الجامعات الخاصة.. ودكاكين المعاهد الخاصة، أقصد المعاهد العليا.. فهل يا ترى تتعمد الدولة إلقاء ولادنا فى هذه الآبار لتجلب ما يتبقى فى جيوب الآباء من مال، بعد ما أنفقوه على الدروس الخصوصية.. خصوصاً أن معظم المتفوقين أكدوا دخولهم إلى هذه السناتر وإلى حظائر الدروس الخصوصية.

أم أن الدولة تتعمد ذلك لأنها تفكر ولو على المدى البعيد فى العودة إلى التعليم الجامعى الحكومى بمصروفات.. مادام التعليم الجامعى المجانى لم يفرز لنا متفوقين ممن يدرسون به.. ربما، بل إذا كان هذا هو الثمن.. فأنا موافق على عودة.. عدد من الجامعات الحكومية للعمل وفق مصروفات يدفعها الطالب.. سوف تكون بأى حال أكثر رحمة بأولياء الأمور من معظم الجامعات الخاصة أو المعاهد بمصروفات التى تشترط دفع المصروفات بالدولار!!

نعم.. أوافق، وأبصم بالعشرة، على التعليم الجامعى بمصروفات، ولو فى نصف عدد جامعاتنا الحكومية.. على أن تكون للأوائل نسبة 5٪ على الأقل للالتحاق دون مصروفات.. فهذا أفضل فى عالم تجاوز فيه سعر الدولار 12 جنيهاً.. ومن لا يعرف حجم الصراع على تورتة الثانوية العامة عليه أن يلاحق حجم الإعلانات بالصحف والقنوات التليفزيونية عن هذه الجامعات الخاصة.. لأن هناك أكثر من 300 ألف طالب حصلوا على الثانوية.. وليس لهم مكان فى أى جامعة حكومية ولا مجال لهم.. إلا إحدى هذه الجامعات الخاصة والمعاهد.. أقصد دكاكين المعاهد العليا الخاصة!!

** والطريف أو المؤلم معاً.. انتشار ظاهرة الدروس الخاصة فى معظم هذه الجامعات الخاصة.. و«الكورس.. بالشىء الفلانى».. وهذه الدروس الخصوصية بالجامعات والمدارس المصرية وراء رفض المدرسين السفر للعمل فى السعودية ودول الخليج، وكان هذا السفر هو حلم كل مدرس زمان.. الآن أصبح المدرس «القوى فى مادته» يرفض هذه العقود أو السفر إلى هذه الدول، فلماذا يسافر وهو هنا يحصل على عائد يفوق كثيراً قيمة السفر والغربة.. ورحم الله زمنا كان المدرس المصرى يجرى فيه وراء المقدسات الثلاثة: البلوزة المونتاجوت.. والحقيبة السمسونايت.. والنظارة البيرسول!!

** ورغم كل ما يحدث الآن.. فلا أحد فى مصر يفكر فى إحداث ثورة فى النظام التعليمى المصرى.. ولكن لماذا الثورة فيه وهناك الملايين ممن يستفيدون من بقاء الحال على ما هو!!

حقاً إن الثورة لم تصل بعد إلى.. التعليم المصرى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف