الأخبار
حمدى الكنيسى
كلام من لهب ! .. القمة العربية .. في الخيمة

من باب التجديد والابتكار شاءت الشقيقة «موريتانيا» أن تنعقد جلسات «القمة العربية السابعة والعشرين» داخل «خيمة» كبيرة بجوار مركز المؤتمرات، ومن باب التفاؤل الذي لا مبرر له قال البعض إن هذه القمة هي «قمة الأمل العربي». قالوها وكأنهم يبحثون عن أي بصيص من الأمل وسط ظلام الواقع، وربما كانوا يقصدون إحراج القادة والزعماء الذين استقبلتهم بعظيم الترحاب العاصمة الموريتانية «نواكشوط»، لعلهم يكونون قد استوعبوا دروس الماضي، وتذكروا انهم أو من سبقهم إلي مواقع القيادة والزعامة شاركوا بحسن نية أو قصور في الفهم اعداء الامة في ارتكاب أبشع الجرائم وأخطر المؤامرات بدءا من الغزو الامريكي - البريطاني للعراق الذي أدي لتمزيق وتدمير الدولة الشقيقة كمقدمة لمخطط الشرق الأوسط الجديد، وايضا لإرضاء وطمأنة «عزيزتهم» «اسرائيل » بالقضاء علي أي خطر عراقي يمكن ان يتهددها.. وهكذا دخلت العراق في دوامة الانهيار والتمزق والتفتت ، وصارت مرتعا للتنظيمات الإرهابية «كالقاعدة» و«داعش» وكلتاهما صناعة امريكية مائة في المائة بهدف استخدامهما في بث الرعب والذعر في الدول التي تحددها واشنطن، وإن كانت «داعش» قد اضافت إلي أهدافها دولا أوروبية ومن ثم خرجت عن النص الامريكي، وصارت هدفا لطائرات التحالف والقوي الوطنية.
والدرس الثاني يتمثل بالتأكيد في تباين وتناقض المواقف العربية ازاء ما يجري في سوريا والعراق وليبيا واليمن والسودان والصومال، فارتبكت المواجهة ولم نعد نعرف «من مع من» ، و«من ضد من» لتكون النتيجة حتي الآن الاقتراب من ضياع هذه الدول لتحل محلها «كنتونات » و«كيانات» ضعيفة هزيلة لا تملك إلا الانصياع لأوامر اسرائيل وحلفائها.
تري هل استوعب المشاركون في قمة «نواكشوط» هذين الدرسين الأليمين الخطيرين؟!
ثم هل استوقفهم الدرس الرائع الذي جسده «انتصار اكتوبر ١٩٧٣»، عندما تحقق «التضامن العربي» - حتي وان كان في أدني صوره - لكنه أثمر انتصارنا المبهر، وتجلت فيه قيمة وأهمية «الموقف العربي الموحد» باشتراك عدة دول بقوات رمزية وغير رمزية في الجبهة المصرية والجبهة السورية، كما كان الانتصار الرائع سببا في رفع قيمة النفط العربي عندما أصدر خادم الحرمين الملك فيصل قراره العظيم بوقف ضخ البترول للدول المعادية المتحالفة علنا مع اسرائيل.
اخشي ما أخشاه أن يكون القادة والزعماء الذين استقبلتهم الشقيقة «موريتانيا» بأجمل آيات الاعزاز لم يستوعبوا أبعاد وأهمية تلك الدروس ، وبالتالي تنضم القمة السابعة والعشرون إلي ما سبقها من قمم بدأت وانتهت بالاحضان وتبويس اللحي وإصدار البيانات التي لا تترجم أية مواقف واجراءات تؤدي إلي تحول حقيقي في الموقف العربي انقاذا للأمة المترنحة واجهاضا للمخططات التي مازال يغري أصحابها ما نحن فيه من فرقة وتشرذم وارتباك في الرؤي والسياسات.
أخشي ما أخشاه أن يكون ذلك هو محصلة «قمة نواكشوط» فلا نري الفرق بين «الخيمة» والخيبة».. ونسقط في منزلق اليأس والاحباط.. نتجرع «خيبتنا».. ونبحث عمن ينقذنا من صفوف شعوبنا.. وليس من أوكار أعدائنا.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف