لم أصدق عينى.. كانت أصعب رسالة تلقيتُها على واتس آب.. لم أضحك بالمرة.. شعرت بالحزن والقلق معاً.. «جنيه كلينكس».. الصورة تعبر بوضوح أن الجنيه أصبح بديلاً عن ورق الحمامات.. معناه لم تعد له قيمة.. مناديل الحمامات لها سعر.. حفاضات الأطفال أسعارها للقادرين فقط.. سرحت قليلاً وأغلقت التليفون.. تأثرت جداً.. الجنيه إلى أين؟.. الاقتصاد إلى أين؟.. مصر فى النهاية إلى أين؟!
لا يعرف عموم المصريين من سلة العملات غير الجنيه.. ولا يعرف عموم المصريين من الأوطان غير مصر.. صورة الجنيه فى الحمام مؤلمة.. لا تضحكك ولكنها تبكيك.. من فعلها لا يريدك أن تضحك.. يريدك أن تبكى.. يريدك أن تأخذ قرارك.. إما أن تعلن سخطك، وإما أن تشترى الذهب.. شركات الصرافة ربحت.. محال الصاغة ربحت أيضاً.. الناس خسرت نصف قيمة مرتبها، العيشة هتولع نار!
الارتفاع الذى حدث للدولار تاريخى.. الانخفاض الذى حدث للجنيه تاريخى أيضاً.. فما هى الإجراءات المطلوبة لوقف الانهيار؟.. ومن يتدخل قبل فوات الأوان؟.. هل هو محافظ البنك المركزى، أم حكومة شريف إسماعيل؟.. هل يتفرجون على ما يحدث؟.. كيف ننقذ الجنيه؟.. هل الحل بالاقتراض من البنك الدولى؟.. أم أن الحل فى الاستثمار؟.. لماذا لم يصدر القانون حتى الآن؟ أتساءل بجد: لماذا؟!
هناك حالة هلع مفتعلة وراء توحش الدولار.. فمن صنع هذه الحالة؟.. هل هو الإعلام؟.. فهل كنا فعلاً فى حاجة إلى حظر النشر عن أسعار الدولار؟.. السؤال نفسه يعنى أن الإعلام هو من صنع الأزمة.. جانب كبير من هذا الكلام صحيح، يتعلق بإعلام الإخوان.. فضائياتهم ومواقعهم وشائعاتهم، وجمع العملة من المغتربين فى الخارج وتبديلها فى مصر.. وللأسف البنك المركزى لا يملك الحظر!
وبرغم هذا، أنتظر إجراءات حاسمة من المركزى.. وأنتظر أيضاً إجراءات وطنية من حكومة شريف إسماعيل.. كان من المفترض أن أعرف الحقيقة مباشرة من أهل الذكر، أعنى محافظ البنك المركزى طارق عامر، ووزير المالية عمرو الجارحى.. تأجل اللقاء فجأة لظرف طارئ.. بالتأكيد هناك مشاورات وهناك إجراءات لتطويق الأزمة.. قادها رئيس الوزراء شخصياً، بعد عودته من نواكشوط!
المفترض أن تصدر حزمة إجراءات اقتصادية، لا تتعلق بالدولار وحده، ولا تتعلق أيضاً بخفض آخر فى قيمة الجنيه.. خبراء الاقتصاد يرون أن ارتفاع سعر الدولار عرض، وليس هو المرض نفسه.. المطلوب إصلاح شامل يزيد من الإنتاج، ويوفر فرص عمل للشباب، ويخفض الأسعار.. بزيادة الإنتاج وتشجيع السياحة وجذب الاستثمار يتراجع الدولار، ولا يصبح الجنيه كلينكس فى الحمامات!
صورة «الجنيه كلينكس» طيرت النوم من عينى.. حزنت بالفعل ولم أضحك، فليس لنا وطن غير مصر، وليس لنا من سلة العملات غير الجنيه.. مرتباتنا بالجنيه وليس الدولار.. ولو تراجع تراجعنا.. ولو انهار انهارت معيشتنا.. أنقذوا الجنيه، وقبله أنقذوا الاقتصاد كله، بحزمة إجراءات جريئة.. تحركوا يرحمكم الله!.