الوفد
علاء عريبى
شقق حكومية بإيجار مؤقت
لا أحد ينكر أبداً الجهد الذى تبذله وزارة الإسكان برئاسة الوزير د. مصطفى مدبولى، فالمشروعات التى تقوم على تنفيذها واضحة مثل ضوء الشمس، قد نتفق مع بعضها وقد نختلف، لكن فى النهاية إنجازات الوزير والوزارة تتحدث عن نفسها، خاصة وحدات الإسكان الاجتماعى.
بالطبع لا أكتب هذه المقال لكى امتدح الوزير ومساعديه فى الوزارة، بل لكى أنتقد مشروع الوحدات السكنية المطروحة للإيجار، فهذا المشروع بالآلية التى تم الإعلان عنها لا تخدم المواطن البسيط ولا تساعده على الاستقرار والشعور بالأمان، الإنسان بطبيعته يعشق الاستقرار، ويكره شعور المغادرة، أو أن المكان الذى يعيش فيه غير دائم، فقد أطلق على الشقة التى يقيم فيها هو وأسرته بالسكن، لأنه سكن، وارتكن، وارتاح، تماماً مثل الزواج الناجح الذى يسكن فيه الرجل إلى امرأته: «هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليهاـــ الأعراف 189»، والسكن فى اللغة بمعنى: السكون، والطمأنينة، والراحة، سكن الشىء: هدأ وتوقفت حركته.
الحكومة الحالية بمشروع التأجير المؤقت تعمل على تكريس الإحساس بعدم الاطمئنان، والشعور بعدم الاستقرار وبالتالى الاغتراب، حيث يشعر المواطن دائما أنه على ترحال، وأنه غريب عن المكان والجيران، وأنه مؤقت، لأنه مطالب بعد عدة سنوات أن يلم الأثاث ويغادر إلى مكان آخر يعيش فيه بشكل مؤقت.
وزارة الإسكان عندما طرحت الـ6 آلاف شقة، بنظام التأجير لمدة 7 سنوات، بزيادة سنوية 7%، حددت شرطاً للمواطن المؤقت، وهو أن ألا يقل راتبه عن 1500 جنيه فى الشهر، هذا المبلغ سيسدد منه المواطن 300 جنيه إيجاراً شهرياً، يزيد سنوياً، ويسدد منه فواتير: مياه الشرب، الكهرباء، والغاز، وسيتبقى له بالميت ألف جنيه، عليه أن يعيش بها هو وأسرته: طعام، مواصلات، تعليم، علاج، ملابس.
وزارة الإسكان تعتقد أن هذا المؤقت الذى سيطعم أولاده العيش الحاف، يمكنه أن يستأجر وحدة سكنية بعد الـ7 سنوات، ربما وفر من الألف جنيه مبلغاً قد يعينه على شراء شقة، أو تسديد مقدم شقة ضمن مشروع الإسكان الاجتماعى أو الإسكان المتوسط.
رئيس الحكومة ومن بعده وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية مطالبان بأن يوضحا لنا إلى أين يذهب من استأجر الشقة بعد السنوات السبع، فقد اشترطتم تأجيرها لفترة واحدة بعدها يتقدم بطلب لكى يتملكها، من أين؟، هل الألف جنيه التى تتبقى معه بعد تسديد الإيجار والفواتير ستساعده على تحويش ثمن الشقة أو المقدم المطلوب؟.
المؤكد أن المواطن المؤقت سيجمع أثاثه ويصطحب أولاده إلى شقة أخرى مؤقتة، بعد انتهاء الفترة المتعاقد عليها بزيادة 7 أو 10% يرحل ويبحث عن أخرى، ويظل فى ترحاله وغربته هذه كل 3 أو 5 أو 7 سنوات ينتقل من مكان إلى آخر، حتى يتوفاه الله ويرقد فى مقره الدائم تاركاً خلفه أسرة مؤقتة، تعيش حياة مؤقتة، وتسكن فى بيوت مؤقتة، وتفكر بشكل مؤقت، وتخطط بما يكفى المؤقت.
السؤال: هل هذا الإنسان المؤقت يمكن أن يشعر بأنه مواطن؟، هل نتوقع منه أن يكون مسالماً وداعماً للحكومة والنظام؟، كيف وقد كتبت عليه الحكومة أن يكون مؤقتاً؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف