هالة فهمى
غدا .. أفضل ألا أيها الليل الطويل!!
ضاقت ولما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج.. بهذه المقولة نصبر.. ونصبر علي الأحداث التي تمر بها مصر.. بل تلك المحن التي تتتابع كموج بحر هادر.. تلطمك الموجة وما أن تفيق حتي تأتي غيرها.. فتصاب بدوار وربما سقطت منهكا.. لن ينجو من الدوار غير سباح وفاهم لفن ركوب الموج.. أو عاقل يدرك أن الحل هو الصبر حتي تهدأ العاصفة.. واليوم اتناول زاوية فساد جديدة.. وربما غريبة.. واحيانا كثيرة يكون الصمت علاجها.. ولكن بعد أن ضن علينا الليل بالانجلاء وترك موقعه لفجر جديد لم يعد إلا الصراخ حرفا وفعلا.. يذكر التاريخ تعرض المبدعات للاضطهاد.. ربما منذ كان رواة الشعر هم الرجال.. فحرمت الشواعر ميزة الجلوس إليهم لتحفيظهم.. وبهذا لم ينقل لنا التاريخ إلا قلة مما قالته الشاعرات في عصور الجاهلية وبداية العصر الإسلامي.. بل كانت الحروب ومازالت ضد المبدعة لا تتناول إبداعها وتناقشه وتهلهلة للنيل منها.. بل يجنب الابداع وينالون منها بالتعريض والخوض في شرفها أي فيما لا يدركه إلا الله.. من باب أنها أنثي وعليها أن تخاف.. بهذا المنطق المتخلف حارب الجهلاء والأدعياء المرأة المبدعة حفيدات الخنساء التي تفوقت علي حسان بن ثابت بشهادة فحول الشعراء.. بل بهذا المنطق الذكوري حاربوا من قال فيهن أبي نواس.. تعلمت الشعر علي ايد شواعرنا من النساء.
القضية قديمة.. قدم أقدم مهنة في التاريخ مارستها المرأة بأمر من الرجل.. فحاربوها وتناسوا القواد.
ما مناسبة هذه المقدمة.. ونحن في عام 2016 وأصبحت المرأة قوة يستهان بها.. المناسبة اننا مازلنا نحارب المرأة لا علي كونها كائنا مفكرا نقارعه الحجة بالحجة.. بل نحارب فيها نصفها الأسفل بوقاحة تخلف سنوات فائتة لن تعود ولكن الجهل والجهلاء يعودون.. من يزعمون أنهم صفوة وأنهم نخبة وأنهم وجدان أمة وأنهم.. وأنهم.. عندما يتحاربون لا يحاربون الفكر والقلم بل السمعة والعرض وربما طبقوا مقولة كل إناء بما فيه ينضح.. فالفاجر يري الناس جميعهم فجرة والسارق لا يري الشرفاء.
وأحدث هذه القضايا ما يمارس علي مبدعة كبيرة يدرس ابداعها لأبنائنا في الجامعات وتناول كبار النقاد اعمالها بحفاوة وسعادة وخاصة آخر إصداراتها عن رواية كسرت الحاجز بيننا وبين القارة السمراء.. فما كان من رئيس زوجها في العمل والذي تسلم منصبه بعد صدور الرواية بأكثر من عام والذي رغب في تصفية حسابات مع الزوج إلا أن يتهم الروائية أنها تعرض ببعض الاسماء في الشركة وتسيئ لسمعة الشركة في الخارج.. مع أن الرواية لم تذكر اسم الشركة ولم تضع ما يشير من قريب أو بعيد لذلك.. فماذا كان من هذا الرئيس ان اقتحم عالم الخيال لدي الكاتبة واخذ من بين سطور الرواية بعض الأحداث ونسبها للكاتبة مفتشا في خيالاتها ومتحدثا كمشارك في الأفعال معرضا بها أمام شهود.
هؤلاء هم من يدعون الثقافة والفكر.. هؤلاء من يضعهم الوزراء والقيادات لإدارة شركات كبري.. فهل هذا منطق وهل هذا مؤشر لقرب فجر ينفض عن وطننا حالات التخلف.
لن تعجب بعد الآن ولن انتظر هروب الليل الظلامي.. مادام هذا حال المثقف ومادامت المرأة تحارب المرأة طامعة في منزلتها.. وبعض العجزة الذين لا يجدون إلا الشرف للطعن فيه متجاهلين تعاليمنا وقيمنا ولكنها حيلة العاجز ومادام عصر العجزة والوجعية واعلانات جلب الحبيب والسحر والشعوذة هي السائدة.. فلتوقدوا معي شمعة تنير شبرا ربما تحرقهم زبالتها ان لم تنر البصيرة.. ولا عزاء لك يا مصر في شعبك الذي كان عبقريا.