محمد جبريل
ع البحري - ثقافة التوك شو
لا أذكر من وصف برامج التوك شو في قنواتنا الفضائية بأنها منزوعة الدسم ثقافياً.. الوصف لا يخلو من صحة. فطبيعة البرنامج التليفزيوني أنه يحتوي علي مادة معرفية. أو درامية. أو حتي مسلية. لكنها لابد ان تتضمن مالا يهدر ميزانية الانتاج. ولا قيمة الوقت.
بديهي أن يكون مقدم البرنامج مثقفا. ولو بالتعريف الانجليزي. حيث يعرف شيئا من كل شئ. وكل شئ من شئ.
المعرفة الموسوعية غير متاحة في زمن تلاحقت فيه ثورات العلم والتكنولوجيا بما يصعب حصره من المستحدثات التي أضافت إلي الذهن البشري خلال الفترة من منتصف القرن الماضي ضعف المعارف التي حصل عليها منذ بداية التاريخ الانساني.
يتحدث الضيف. ويكتفي مقدم البرنامج بهز رأسه دلالة المتابعة. أو يتدخل بلا مناسبة. لمجرد اثبات الذات. أو يلقي أسئلة لا صلة لها بموضوع المناقشة.
مقدمو البرامج العالميون مثل أوبرا وينفري وبربارة والترز يقرأون جيدا. ويلجأون إلي طاقم يحسن المتابعة. والافادة من المصادر والمراجع اللازمة. لا يدخلون الاستديو إلا بعد أن يتعرفوا إلي جوانب القضية التي يعتزمون مناقشتها.
من المهم أن يمتلك مقدم البرنامج معرفة كافية تتيح نضج الحوار. ومحاولة استخلاص الاجابات الذكية بأسئلة ذكية. والأمثلة نتعرف اليها في شريف عامر ومني الشاذلي وإبراهيم عيسي وأسامة كمال واسعاد يونس وخيري رمضان ويوسف إبراهيم. وغيرهم.
لكن غالبية مقدمي البرامج يدخلون الاستديو دون ان يسألوا عن طبيعة المواد التي يتناولونها بالعرض والمناقشة. بل ان الضيوف قد يضطرون للتدخل لحظة التقديم بذكر الاسم أو المهنة. لأن المذيع ـ قبل بداية البرنامج ـ لم يعن بالسؤال في أي شيء. هي أوراق يكتبها المعدون. تتضمن معلومات حقيقية أو يشوبها نقص. وربما قصر مقدم البرنامج دوره علي قراءة الأسئلة من الأوراق أمامه!
الفضائيات تعبير مهم عن الإعلام المصري. وتفاهة البرامج تحدث صدي سلبيا في الأماكن التي تصل اليها. لمجرد أن السادة مقدمي البرامج اكتفوا بالملاحة والوسامة والمظهر الأنيق. وان حاولوا تعويض نقص الثقافة. والقدرة علي ادارة الحوار بالأسئلة الساذجة. والمعلومات التي تنطوي علي ميل للاستعراض.
اللهم لا حسد علي الملايين التي نقرأ عن تقاضي السادة مقدمي البرامج لها.. لكن الغضب يفرض نفسه في الاستسهال والاستهبال. وفقدان الشعور بالمسئولية!