المساء
مؤمن الهباء
شهادة - النووي .. من حقنا
التقط العالم أنفاسه مع اللحظة التي أعلن فيها الاتفاق الإطاري حول برنامج إيران النووي بعد مفاوضات طويلة وشاقة بين الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين في جانب. وإيران في الجانب الآخر.. وجاءت ردود الأفعال الدولية في الغالب الأعم مرحبة بهذا الاتفاق لضمان عدم توصل إيران إلي إنتاج أسلحة نووية. وتقنين عمليات التفتيش علي المفاعلات واليورانيوم المخصب علي مدي السنوات العشر أو الخمسة عشر القادمة.
ردود الفعل العربية كانت متحفظة.. والخليجية كانت أقرب إلي الصمت.. فالسلوك الإيراني مازال موضع شك.. والتطمينات تأتي من الجانب الأمريكي. لكنها ـ فيما يبدو ـ غير كافية.. ورغم ذلك فهناك ارتياح عام مكتوم لعدم تعرض منطقة الخليج لحرب جديدة خلال هذا العام علي الأقل.. ونذر الصدام بين الغرب وإيران راحت تتباعد ولو إلي حين.
ومع هذا الارتياح المكتوم هناك تخوف ظاهر معلن من أن تأتي الترتيبات الأمنية الجديدة علي حساب العرب.. وأن يكون الاتفاق بين الخصمين العتيدين. يحمل بين ما يحمل من بنود إعطاء إيران دوراً ومكانة متميزة في المنطقة ترفع كفتها فوق كفة الدول العربية المجاورة.. وربما تجعل منها شرطي المنطقة.. وتعود بها إلي الدور الذي كانت تقوم به أيام الشاه.
رد الفعل الإسرائيلي كان الأعنف في رفض الاتفاق والتحذير من عواقبه وإعلان عدم الثقة في إمكانية تطبيقه بحسن نية.. وقال مارك ريجيف المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي إن مثل هذا الاتفاق لن يقطع الطريق أمام حيازة إيران للقنبلة النووية.. بل سيمهده أمامها.. وسيزيد مخاطر الانتشار النووي ومخاطر اندلاع حرب مروعة.. وفي خطاب تهديدي قال الجنرال نمرود شيفر. رئيس هيئة التخطيط في الجيش الإسرائيلي. إن الخيار العسكري كان دائماً مطروحاً علي الطاولة.
هذا الموقف الإسرائيلي ليس جديداً. ولا مفاجئاً.. ودوافعه معروفة مقدماً.. ولسوف تستمر آلة الابتزاز الإسرائيلية في تصعيدها حتي يحصل نتنياهو علي دفعة إضافية من الأسلحة المتطورة. مع وعود قاطعة ومكتوبة بحماية وضمان أمن إسرائيل.. وإبداء التساهل معها في الملف الفلسطيني. وتخفيف المعارضة في مسألة المستوطنات.
اليمين الإيراني المتشدد هو الآخر أعلن رفضه للاتفاق. وندد بوزير الخارجية محمد جواد ظريف. كنوع من المزايدة علي حكومة الرئيس روحاني. التي اتهمت بالتفريط في حق إيران الثابت وغير المحدود أو المشروط في إقامة المفاعلات النووية وتطويرها حسب احتياجها دون أي تدخل خارجي.
ومن واجبنا أن ننظر لموقف اليمين الإيراني المتشدد علي أنه نوع من توزيع الأدوار. حتي لا يتعرض ظريف لمزيد من الضغط خلال المرحلة القادمة. وحتي 30 يونيه القادم. موعد التوقيع علي الاتفاق النهائي.. وفي كل الأحوال فإن موقف اليمين المتشدد لا يقلل من فرحة الشارع الإيراني بالاتفاق الذي يعني مباشرة رفع العقوبات الدولية وتدفق السلع الغربية إلي الأسواق الإيرانية.
الرسالة الأهم التي يجب أن نستقبلها من هذا الاتفاق أن البرنامج النووي والتكنولوجيا النووية المتقدمة صارت حقاً مكتسباً لكل دول العالم. بعد أن رضخ الكبار للإرادة الإيرانية ووقعوا معها الاتفاق في نهاية الأمر.. وقد أخذت إيران هذا الحق المعترف به رغم أنها توصف بأنها أكثر دول العالم تشدداً وكرهاً وتهديداً للغرب وأمريكا وإسرائيل.. فالقوة والإرادة والحنكة السياسية هي التي ضمنت لإيران هذا الحق.
ومن حقنا أيضاً.. بل من واجبنا أن يكون لنا برنامجنا النووي الخاص.. ولا نقف نتفرج علي دول العالم ودول الجوار. وهي تمتلك هذه التكنولوجيا المتقدمة.. تذكروا أن إيران ليست الدولة الوحيدة التي سبقتنا.. إسرائيل سبقت الجميع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف