شريف قنديل
إضاءة .. أميرة عراقي وأبانوب.. مصر تتسامح مع نفسها
شيئاً فشيئاً تنقشع السحابة وينجلي عن مصر ليل الكآبة.. شيئاً فشيئاً تنزاح الغوغائية والروح العدائية ويسطع وجه مصر المتسامحة المتصالحة النقية! والذي حدث أن طالبة اسمها أميرة حصلت على المركز الأول مكرر في الثانوية العامة، لكن المشكلة بمفهوم الغوغائية أنها ابنة الدكتور ابراهيم عراقي رائد جراحة المناظير في الشرق الأوسط والمعتقل في سجن وادي النطرون منذ 30 شهراً بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين! غير أن المصريين في هذه اللحظة .. لحظة التفوق لموهبة مصرية نسوا كل شيء وتقاطروا على منزل أميرة بالزغاريد احتفاءً بتفوقها! وقالت أميرة لموقع "هافنجتون" إن تفوقها "خطوة صغيرة للمساهمة في إعلاء شأن الوطن! ومهما يكن من أمر فإن إعلان الوزارة تفوق أميرة وحيازتها للمركز الأول وعدم حجبه حتى وان جاء مصرياً عفوياً هو خطوة في الاتجاه السليم اذ كيف يحجب قمر صغير في سماء الوطنية المصرية أو قل كيف يكتم في الزهر عطر! صحيح أن الوزير لم يهنئ أميرة بعد مثلما هنأ إسراء وهي الأخرى حاصلة على نفس المركز، لكن سارة وألف سارة مصرية من مختلف الاتجاهات هنأوا أميرة وهذا هو المهم على الأقل في هذه المرحلة.. أما سارة فهي الأخرى بعيداً عن التفتيش ومحاكم التفتيش زهرة مصرية أخرى "محجبة" والدها "ملتحٍ" ووالدتها "محجبة" وتلك لعمري كانت وقت اشتداد رياح الغوغائية تُهماً جاهزة يطلقها الغوغائيون الكارهون لصفاء وسماحة مصر على كل مصري أو مصرية محافظين! وللإنصاف فإن الوزير لم يهنئ ندى عبد السلام الجمال المشاركة في المركز الأول وهي زهرة ثالثة "محجبة" ووالدتها "منقبة" أي أن تهنئة إسراء دون أميرة وندى ربما جاءت بحكم تصدر إسراء للحروف الأبجدية! والحق عندي أن مبادئ الأبجدية المصرية تقول إن مصر السماحة والكرم عائدة لا محالة مهما طال الزمن! تبتسم أميرة رغم المحن فيبرز في بسمتها حرير ونداء، تعبر بوضوح عن كل الأشياء.. تهتز لها أركان البيوت المصرية بالزغاريد والغناء، وتطير خفافيش الكراهية والبغضاء! أميرة وإسراء وندى وأبانوب ونيرفانا ميخائيل وكل المتفوقات المصريات من كل البيوت والاتجاهات بل والديانات السماوية.. مواهب واعدة ونماذج لقوة الاحتمال والصبر وصلابة الإرادة.. وبقدر مايكون ذلك.. تكون القدرة على انتزاع الحق في الفرح والبهجة! أميرة وكل أخواتها في القاهرة والصعيد والوجه البحري.. فرحة بطعم "الحبهان" الجميل.. جهد وكفاح وعمل وإصرار على الحياة بلا ضجيج ولا عويل! كنت أشاهد وأستمع لقصص المصريات الصغيرات اللائي أدرن ظهورهن لرياح الغوغائية، وأنا أسمع صوتاً خلفيا مملوءاً بشجن حزين.. لعله الوطن.. يحاول استعادة ذكريات أُلفتِه القديمة، ناشراً أو ناثراً على وجوه المحبطين مثلي معاني الصبر وبهجة الأمل.