الأهرام
جمال زهران
إسرائيل وقمة الأمل فى نواكشوط
من الضرورى استعادة الأحداث ومحاولة ربطها بما سبقها وبما هو تال لها فى الوقوع، كمحاولة لرسم الصورة الكاملة، وايضاح ما هو خاف، تحقيقا لدقة التحليل السياسي، فالحدث الجلل الذى كان له وقع تأثير الزلزال، كان قيام سامح شكرى (وزير خارجية مصر) بزيارة لإسرائيل ولقاء نيتانياهو رئيس وزراء إسرائيل عقب عودته من زيارة 4 دول ولقاء رؤساء (7) دول فى حوض النيل مباشرة، فى توقيت غير مبرر على الإطلاق.
وأعقبت هذه الزيارة محاولة الانقلاب الفاشلة لأسباب مختلف عليها، بل وعلى حقيقة ذلك الانقلاب من عدمه، فى تركيا وعودة أردوغان مرة أخرى وبعد 6 ساعات الى الحكم أكثر شراسة واستبدادا وخيلاء وغرورا، وهو ما ينبئ بسقوطه المدوى قريبا، والأكثر غرابة أن يأتى اجتماع مجلس الجامعة على مستوى القمة فى نواكشوط بموريتانيا بديلا عن المغرب التى اعتذرت عن استضافة المؤتمر الدوري، تحت عنوان «قمة الأمل».. دون أن أقرأ بندا واحدا يؤكد ذلك أو يحث عليه.

لذلك فإن فهم حقيقة زيارة شكرى لإسرائيل ضرورية، فهى زيارة تعكس اهتمام الرئيسين فى مصر وفى إسرائيل (السيسى - نيتانياهو)، ولم تكن زيارة موازية لمقابلة وزير الخارجية لإسرائيل، ومن ثم بحثت موضوعات لم يتم الكشف عنها أكثر من الكلام الدبلوماسى الذى لا يبعث على الأمل والطمأنينة، وقد سبق أن قلت إن التوقيت سيئ للغاية يصل الى حد الفشل الحقيقي، لأن الزيارة عندما تتم عقب ما هو واضح من اصرار إسرائيل على اختراق دول حوض النيل بما يضر بمصر مؤكدا، وتقوية إثيوبيا على مصر، والافصاح عن الدعم الفنى والمادى لإثيوبيا فى سد النهضة، وتقديم سبل الحماية لهذا السد حتى اكتماله، وكأنه يقول للمصريين نحن الذين نتحكم فى الأمر، فإن مصر تبدو وكأنها ذاهبة الى إسرائيل لتهنئتها على هذا العمل الاجرامى والموجه ضد مصر بشكل واضح وسافر، وكأن مصر تبارك هذا التآمر عليها، بل وتكافئ المجرم الصهيونى على جريمته.

الزيارة تمت على خلفية حدث آخر وهو المصالحة التركية الصهيونية، التى وضعت فى نصوصها ما يشير الى التنسيق «الإسرائيلى التركى الحمساوي» بخصوص ضمان ضخ المساعدات التركية الاخوانية عبر البحر والتفاهم مع إسرائيل، لتضرب بذلك الدور المصرى فى القضية الفلسطينية فى مقتل، حيث تبدو مصر وكأنها تحاصر الشعب الفلسطينى فى غزة عبر معابرها، فى حين أن تفاهما تركيا إسرائيليا أدى لفك الحصار من ناحية البحر فسارعت مصر للتفاهم مع إسرائيل، والترويج لمصالحات محتملة مع تركيا، فى وضع يعكس خللا فى موازين القوي، وقد أصبحت إسرائيل هى «رمانة الميزان»، وهى المطلوبة من كل الأطراف، الأمر الذى يؤكد اندماجها فى الدول العربية وبغطاء تركي.

والمشكلة هنا أن مصر وسياساتها، أضحت فى موقف «رد الفعل»، وليس فى موقف «المبادرة»، مع الحفاظ على الثوابت، الأمر الذى أدى الى زلزلة عقائد قطاع من الشعب المصرى ودفعه للخلاف والاستقطاب حول قضايا مصيرية محسومة، خاصة أن الكيان الصهيونى مازال وسيظل العدو الرئيسى للشعب العربى مهما تكن هناك من وثائق سلام وهمى زائف.

والأخطر من ذلك هو أن هذا الذى يحدث، يسهم فى استمرار تقزيم الدور المصري، واتاحة الفرصة لآخرين لقيادة النظام العربى الى حيث الدمار، فأين المسئولية التاريخية لمصر، وتلك هى مقدمات مؤتمر «قمة الأمل» فى نواكشوط، حيث غاب عنها الفاعلون، ولعل أهم ما تم اقراره هو إلغاء قرار اتخذه مؤتمر القمة السابق فى شرم الشيخ، وهو اقامة قوات عسكرية عربية مشتركة، تحت قيادة مشتركة وهو اقتراح مصري، سيتم التراجع عنه رسميا، فأين الأمل؟!

تلك هى معضلة النظام العربي، الذى مازال بلا قلب حقيقي، وهو غياب الدور القيادى المصرى الفاعل، وأردت لفت الأنظار إليه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف