الصباح
كمال الهلباوى
المستفيدون من نجاح نهج المقاومة
شاركت فى مؤتمر بيروت الأخير بعنوان المؤتمر العربى العام لدعم المقاومة ورفض تصنيفها بالإرهاب. وذلك يوم الجمعة 15 من يوليو 2016. وقد جاء هذا المؤتمر فى الذكرى العاشرة للانتصار العظيم الذى حققته المقاومة الإسلامية ولبنان بقيادة حزب الله اللبنانى ضد العدو الحقيقى، وهو العدو الصهيونى ومن وراءه.
وقد رأيت الاستفادة بجزء مما جاء فى ورقة الدكتور زياد الحافظ أمين عام المؤتمر القومى العربى. يؤكد الدكتور الحافظ أن المستفيدين من المقاومة هم:
أولًا: القضية الفلسطينية وإبقاؤها فى صميم الأحداث رغم كلّ محاولات التعتيم عليها وتحويل الأنظار عنها واستبدال أعداء افتراضيين بالعداء للكيان الصهيونى. كما أنها فى المرصاد لإفشال كل المحاولات لفرض تسويات لا تعيد الحق المسلوب للفلسطينيين فى فلسطين المحتلة وفى الشتات، الحق فى الأرض، كلّ الأرض، وفى الحقوق، كلّ الحقوق، بما فيها حق العودة، وفى عروبة فلسطين وليس تهويدها!
ثانيًا: حركة التحرّر العربية التى بعد سبات استمرّ لعدّة عقود أخذت قضيتها للشارع العربى بعدما تجلّى ضعف الأنظمة التابعة للإرادة الخارجية بسبب نجاح نهج المقاومة. حاول التحالف الغربى مع الرجعية العربية سرقة الحراك الشعبى فاستطاع احتواءه مؤقتًا، ولكن لم يستطع إلغاءه. فما زال سيف الحراك الشعبى مسلّطًا رغم الحروب سورية، اليمن، العراق، ليبيا أو التهديد بحركات التعصّب والغلوّ والتوحّش التى وظيفتها الموضوعية تشويه أيّ حراك جماهيرى يهدف للتغيير والتحرير.
ثالثًا: لبنان المستفيد المباشر من نجاح نهج المقاومة فى استرجاع الجنوب وفرض معادلة الردع ضدّ أى عدوان محتمل، وفى الحفاظ على المصالح الحيوية للبنان فى المياه وفى الثروات النفطية والغازية أمام مطامع الكيان.
رابعًا: غزة هاشم مستفيدة من نهج المقاومة فأخرجت العدو الصهيونى منها. والعدوان المتكرّر على غزة لم يستطع أن يغيّر فى إرادة المقاومة فى استمرارها حتى التحرير الكامل. كما أنّ وصول نهج المفاوضات مع حكومة العدو إلى طريق مسدود يعيد الاعتبار إلى الانتفاضة التى نرى تضاريسها الآن فى الضفة وفى أرض 48.
خامسًا: قدرة المقاومة على تثبيت نفسها مهّدت لدول كبيرة كروسيا والصين للتصدّى للهيمنة الأمريكية فى المحافل الدولية وحتى فى المناطق التى كانت حكرًا للولايات المتحدة. فالمقاومة ونهجها ساهما بشكل مباشر فى تغيير موازين القوة لمصلحة الدول والقوى المناهضة للهيمنة الأمريكية. واليوم عادت روسيا لتكون لاعبًا أساسيًا فى المنطقة العربية بعد أن حاولت الولايات المتحدة تجاوزها بالخديعة فى ليبيا. فلولا صمود سورية ولولا انخراط المقاومة فى مواجهة العدوان الكونى على سورية لما استطاعت روسيا من تحقيق أهدافها فى حماية أمنها القومى والحفاظ على كتلة أوراسيا.
سادسًا: الجمهورية الإسلامية فى إيران التى تبنّت ودعمت المقاومة ضدّ الكيان الصهيونى مما جعلها لاعبًا إقليميًا ودوليًا لم يعد من الممكن تجاهله.
أما عن التحدّيات فقد كتب الرجل يقول:
«بعد فشل سياسة الاحتلال المباشر بسبب المقاومة فى العراق، وبعد فشل إلغاء نتائج تحرير جنوب لبنان فى عدوان تموز 2006، وبعد فشل إلغاء وجود سورية بحرب كونية شنّت عليها لم يبق للتحالف الأمريكى الصهيونى غير سلاحين:
أولًا: استعمال سلاح الفتنة لضرب المقاومة من الداخل ونعت كلّ مقاومة بالإرهاب لنزع شرعيتها الوطنية والقومية والأخلاقية. فجماعات التعصّب والتوحّش والتغوّل أداة لتحويل الصراع بين محور المقاومة والحلف الأمريكى الصهيونى والرجعية العربية إلى صراع مذهبى يضعف المقاومة ونهجها. فمقاومة تلك الجماعات تفترض تعبئة كلّ مكوّنات المجتمع العربى دون استثناء، مما يفرض إعادة الاعتبار إلى الخطاب العروبى وإلى ترويج المشروع المغاير لمشروع جماعات التعصّب، أى المشروع النهضوى العربى. فالسردية المقاومة والإعلام الداعم للمقاومة يجب أن تحكمه أدبيات المشروع النهضوى العربى كردّ استراتيجى على سردية التعصّب والتوحّش».
ويرى الدكتور الحافظ أن الردّ على ذلك يمكن أن يتجلّى فى محورين أساسيين هما:
المحور الأول فى نزع المذهبية عن المقاومة، وذلك عبر تعميم وتطوير المعادلة الذهبية التى نجحت إلى حدّ كبير فى لبنان، أى المقاومة والشعب والجيش. فالشعب ومؤسسة الجيش يستطيعان نزع صفة المذهبية عن حركات المقاومة التى منبتها دينى.
أما المحور الثانى فهو عبر دعم المقاومة لقوى التغيير فى كلّ قطر عربى، وهذا ما لم يحصل حتى الآن لأسباب موضوعية يجب معالجتها.
ثانيًا: التهديد الآخر للمقاومة هو إعادة مشروع تسوية فى فلسطين قوامها جعل غزّة نواة الدولة الفلسطينية وإعطاء نوع من الحكم الذاتى لما تبقّى من الضفة مع وقف الاستيطان وعودة قسم من اللاجئين. فزيارة نتنياهو الأخيرة إلى موسكو كانت للقبول بالمبادرة العربية المشئومة للسلام عام 2002 مع بعض التعديلات. ويدفع بذلك الاتجاه كلا من الإدارة الأمريكية قبل موعد الانتخابات والاتحاد الأوروبى وبعض الدول العربية. وقد تسبق تطبيق هذا السيناريو حرب محدودة يليها اتفاق وقف إطلاق النار أسوة بقرار 1701 مع نشر قوات دولية روسية وأمريكية على الحدود اللبنانية مما يفقد دور سلاح المقاومة. من هنا نفهم مغزى نزع الشرعية عن المقاومة عربيًا وإسلاميًا، وذلك تمهيدًا لتطبيق هذا السيناريو.
لكن - يتساءل الرجل - هل ستكون تقديرات الحلف المناهض للمقاومة فى مكانها؟ هذا ما يجب البحث فيه. وللحديث صلة والله الموفق.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف