الدستور
ابراهيم الصياد
أردوغان وتركيا والانقلاب «٢-٢»
حتى نتفهم ما حدث فى تركيا لابد أن نلقى الضوء على شخصية «رجب طيب أردوغان» فهو من الشخصيات السياسية فى عالم اليوم المثيرة للجدل، غير أن كل الاتجاهات تجمع على أنه شخصية متسلطة يفتقر إلى الدبلوماسية ويميل الى الفكر التآمرى فى التعامل مع الآخرين لا سيما خصومه وهى سمات تقود إلى أن يسلك صاحبها سلوكاً ديكتاتورياً ويتضح ذلك من ردود أفعاله غير المحسوبة. ورغم ذلك يتمتع الرجل بشعبية من خلال علاقة استثنائية أو كاريزمية تربطه بشعبه الذى مازالت تسيطر علية أصول الثقافة العثمانية بكل ترفعها وعنجهيتها، وأتصور أن العالم فى القرن الحادى والعشرين لم يعد يستسيغ هذا النوع من الساسة الذين يفتعلون الأزمات على مستوى السياسة الخارجية من آن لآخر لاسيما فى الاتحاد الأوروبى الذى ترفض دوله قبول تركيا حتى الآن عضوا فيه لنفس السبب ولأسباب أخرى سوف نتحدث عنها فى مجال آخر.
ونلاحظ أنه حرص منذ تواتر الأنباء عن وقوع الانقلاب على دعوة الجماهير من الشعب التركى إلى النزول إلى الشوارع والميادين، لأنه أراد أن يستفيد بعلاقته بشعبه، بل دعونا نقول إن أردوغان أدرك أهمية الشرعية الجماهيرية التى تستمد قوتها من إرادة الشعب فى لحظة معينة وتجب كل ما قبلها، وهذا يجعلنا نكتشف أنه وقع فى تناقض منهجى وفكرى فهو الذى لم يعترف بشرعية إرادة الشعب المصرى عندما قامت ثورة الثلاثين من يونيه عام 2013 وأسقطت حكم الإخوان ولم يتدخل الجيش المصرى إلا لحماية الثورة وتنفيذ مطالب الشعب، ورغم هذا يصف أردوغان ثورة مصر بـ«الانقلاب» وكأنه يتعامل بروحين فى التعاطى مع الأمور، بل إن ردة فعله بعد أن استرد السلطة عقب سويعات الانقلاب كانت عنيفة وقام بقتل العشرات من خصومه واعتقل أكثر من سبعة آلاف مواطن تركى من الشرطة والجيش وسلك القضاء والمسئولين والمدنيين ينتظرون مصيرا غامضا بعد أن دعا البرلمان للموافقة على إعادة العمل بعقوبة الإعدام، ونلاحظ أن أردوغان العنيف فى التعامل مع الخارجين على نظامه يفتح بلاده لاستضافة الخارجبن على ثورة الثلاثين من يونيه فى مصر ويحول تركيا إلى وكر للهاربين من الإرهابيين ينفثون منها حقدهم الأسود على مصر وثورتها ورئيسها.
إذن نحن أمام شخصية مليئة بالعقد النفسية والمتناقضات المرضية ويحتاج لعلاج سيكولوجى، وعموما العلاقات بين الشعوب أكبر من الحكام وتحكمها المصالح والاحترام والتقدير المتبادل وطبيعة الأشياء تقول إنه لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة إنما مصلحة دائمة!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف