المساء
مؤمن الهباء
شهادة .. صورة مفزعة
كانت العناوين صارخة.. تستفز من يقرؤها.. وكانت الصحيفة محقة في ذلك.. فالموضوع جد خطير.. يتعلق بحياة الناس وصحتهم.. والخضروات والفواكه التي يأكلونها ملوثة بمبيدات سمية محرمة دوليا.. ويجري تهريبها وبيعها في الأسواق دون حسيب أو رقيب.
هذا الموضوع ليس جديدا بالطبع.. لكنه متجدد.. وقد أثيرت الضجة حوله أكثر من مرة من قبل.. لكن لم يهتم أحد بإيجاد حل حاسم له رغم كل ما قيل عن علاقة هذه المبيدات بالأمراض الفتاكة التي أصابت المصريين كالسرطان والفشل الكلوي.
كانت عناوين "الملف" الذي نشرته "الأخبار" علي صفحتين متقابلتين يوم الجمعة 24 يونيه الماضي علي النحو التالي:
"مبيدات محرمة دوليا بالأسواق".
"الفلاحون يستخدمون أنواعا شديدة السمية لإنضاج الثمار قبل أوانها".
"وزارة الزراعة" شالت أيدها "وتركتهم فريسة لجشع التجار".
"الفياجرا والملاثيون والتيمك تملأ الأسواق تحت سمع وبصر الأجهزة المعنية".
وتحت هذه العناوين الصارخة قدمت "الأخبار" صورة قاتمة مفزعة لما يحدث في سوق المبيدات من خلال هذا "الملف" الخطير.. الذي أزعم أن أغلبية القراء لم يتوقفوا عنده.. ومعظم من توقفوا اكتفوا بقراءة العناوين ثم ذهبوا يمصمصون شفاههم خوفا وحسرة.. لأنهم لو قرأوا سوف يكون صعبا عليهم أن يأكلوا شيئا من الفاكهة والخضروات التي تغزو الأسواق كل صباح.
والغريب أنه بعد مرور ما يزيد علي شهر من تاريخ نشر هذا الملف لم نسمع عن تحرك جاد من أية جهة مسئولة للتصدي والحسم.. حماية لأرواح هذا الشعب الذي عاني الأمرين في طعامه وشرابه ومازال صابرا.
يقول الزميل حسام عبد العليم الذي أعد الملف.. "توصلنا إلي حقائق صادمة.. واكتشفنا أن الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة تركت الحبل علي الغارب.. اكتشفنا أن هناك بالفعل مبيدات محرمة دوليا يسمح بدخولها البلاد واستخدامها.. ومنها مبيد "الكابتان".. كما اكتشفنا وجود مبيدات تحرمها مصر ولكنها مازالت متواجدة بالأسواق وتدخل البلاد بطريقة رسمية.. منها مبيد "التيمك" المحظور عالميا والذي يستورده تجار المبيدات.
وينقل الزميل عن بعض الفلاحين قولهم إنهم يستخدمون مبيدات يعلمون جديا أنها تسبب مرض الفشل الكلوي.. وأنها محظورة دوليا.. ورغم ذلك يضطرون إلي استخدامها لعدم وجود بديل عنها.. وإذا توافر هذا البديل فهو مكلف جدا.
ويشكو الفلاحون من عدم وجود رقابة من قبل وزارة الزراعة المتمثلة في المرشدين الزراعيين.. وكان أكبر خطأ من الدولة هو "شيل وزارة الزراعة يدها من موضوع المبيدات ليصبح الفلاحون فريسة للتجار الجشعين".
هل معقول أن تتاجر الجمعيات الزراعية في البطاطين والتليفزيونات الملونة ولا تهتم حتي بأن تتاجر في السماد والمبيدات ومستلزمات الانتاج الزراعي التي يحتاجها الفلاح ولا يجد أمامه سوي التاجر الجشع الغشاش.. الذي يبيع المبيدات السمية المهربة أو منتهية الصلاحية أو المقلدة والمصنعة تحت السلم بأضعاف ثمنها.
وبسبب هذه المبيدات المغشوشة والمقلدة ودخول أنواع غريبة من بذور الفاكهة والخصروات إلي مصر فلن نجد بعد عشر سنوات أي نوع من الخضر أو الفاكهة له طعم وريحة أو لون.. وأكبر مثال علي ذلك اختفاء "الكانتلوب" الذي كنا نطلق عليه قبل سنوات اسم "الشهد" بسبب مذاقه الجيد ورائحته التي تنبعث منه حتي قبل حصاده.
ويعترف د. محمد عبد المجيد رئيس لجنة المبيدات بوزارة الزراعة ووكيل كلية الزراعة جامعة عين شمس بأن مبيد "التيمك" محظور استخدامه داخل البلاد وخارجها ولكن للأسف مازالت عمليات تهريبه مستمرة.. وكذلك الحال مبيد "الكابتان" شديد السمية الممنوع تداوله لخطورته علي صحة الإنسان.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف