د. أحمد فرحات
البداية لتطـوير منظومة التعليـم .. مشاكل التعليم تحتاج وقفة وجرأة في اتخاذ القرارات
في الآونـة الأخيــرة تعـالت الصيحـات المنادية بتطوير منظومـة التعليـم بالدولة المصريـة الحديثـة وتصحيح المسـار لأن التعليـم ببسـاطة هو الأساس في تقــدم الأمـم. وكان علي رأس المنادين بهـذا التطــويــر السيد رئيس الجمهورية. ونظـرا لأنني كنت المسئول المباشـر عن منظـومـة قطـاع التعليـم بوزارة التعليم العـالي قــرابـة العامين وفي أصعب أيام الدولة المصريـة فقـد رأيت عن قـرب كل ماينهش في جسد منظـومـة التعليم المصريـة ووجـدت أن الواجب الوطني يلزمني أن أطرح مشـاكل التعليـم ماقبل الجامعي والتعليم العـالي والتعليم الفني والأسلوب الأمثـل لعلاجـه والذي يمكـن أن يستغرق من عـامين إلي ثلاثـة أعوام من العمـل الجـاد والدؤوب. وتبدأ أهـم ملامح مشـاكل التعليـم بالدولة المصريـة أن كلا من وزارتي التربيـة والتعليـم والتعليـم العـالي والوزارات التي يتبعهـا التعليم الفني وهي كثيرة تعمـل في جـزر منعـزلة، ويظهـر هـذا جليــا في مشــاكل الثــانويـة العــامـة ومشــاكل التعليــم الفني. يليهـا التشريعـات المختلفـة الحاكمـة للتعليم بأنواعـه المختلفـة والتي مضي عليهـا أكثر من خمسين عـاما. يلي ذلك من مشـاكل غيـاب العمـل المؤسسي في تلك الوزارات المكتظـة بالموظفين والإداريين غير المختصين بشئون التعليم وتعتمد هـذه الوزارات في عملهـا علي الوزير وعدد كبير من المستشارين والذين ينقضي عملهـم مع تغيير الوزير. أما لو تحدثنـا عن مشـاكل كل وزارة علي حـــدة فهي كثيــرة للغايـة. ففي وزارة التربية والتعليم نجـد مشاكل عديدة أبرزها الثانوية العامة بشهـاداتهـا المختلفـة والتي لم أر في حياتي ولم أر في أي دولة في العـالم هذا الكم الهائل من الشهادات التي يتم الحصول عليها والالتحاق بهـا في الجامعـات سواء بطرق مشـروعـة أو غير مشروعـة. وإذا تطرقنـا إلي مشاكل وزارة التعليم العـالي فلن تختلف كثيرا عن مشاكل التربيـة والتعليم. ففي التعليـم العالي هناك مشاكل جسام تواجـه الجامعـات الحكوميـة وعلي رأسهـا الكتاب الجامعي وعـدم تجويد التعليم فيـه وعـدم تطوير نظـم الدراسـة والمقـررات الدراسية ، فماكنت أدرسـه منذ أكثر من خمسة وثلاثين عـامـا عندمـا كنت طالبا جامعيا مازال مستمرا في وقتنا الحاضر ، ثم تأتي مشاكل التعليم الخاص وهـو بكل المقاييس يحتاج إلي وقــفــــــة وجـــرأة في اتخاذ قرارات جــادة وحازمـة من مسئولين ليس لهـم هـوي سـوي مصالح الوطن. ففي الفترة من عـام 2005 إلي عـام 2012 تم إنشـاء عدد كبير جدا من المؤسسات التعليمية الخاصة دون متابعـة لتجويد العملية التعليمية فيهــا ودون رقابـة حقيقيـة من وزارة التعليم العالي لدرجة أن عـدد أعضاء هيئة التدريس في بعض من تلك المؤسسات لايتجـاوز عـدد أصابع اليد الواحدة ولكن لاينكـر جاحـد دور هـذه المؤسسات الخاصة في حل مشاكل التعليم في مصر. أمـا التعليم الفني فحدث ولاحرج. تبدأ أولي مشاكل التعليـم الفني أنه لاتـوجد جهـة وحيدة مسئـوله عنـه. وللأسف يأتي كل وزير ويكـون التصريح الأول له فـور توليـه المهمـة هـو أن التعليـم الفني هو قاطرة التنميـة وسيكون اهتمامي الأول والأخير بالتعليـم الفني ثم يخرج من الوزرارة دون زيارة واحدة لأي من مؤسسات التعليم الفني التابعـة له ودون أن يعـرف أماكنهـا ودون أن يعـرف مشاكلهـا. لذلك يبدأ الحــل بتجميع كل ماله عـلاقـة بالتعليـم من قريب أو من بعيـد في بوتقـة واحـدة وأقترح أن تكـون وزارة التعليـم ويكـون وزيـر للتعليــم نائبــا لرئيس مجلس الوزراء لشئون التعليـم ويلـزم أن يتـوافـر فيـه عـدة سمـات أهمهـا الشخصية القويـة وأن يكون له رؤيـة والأهـم أن يكـون مجـردا من الأهواء الشخصيـة ولايضـع نصب عينيـه سـوي مصالح الدولة المصريـة ويكون ملزمـا بوضـع برنـامج زمني واضـح لحل تلك الأزمـات. ويعمـل تحت مظلـة وزير التعليـم المقترح ( 4 ) وزراء أو وزراء دولـة الأول للتعليم ماقبل الجامعي (التربيـة والتعليم حاليا) والثاني للتعليـم الجامعي (التعليم العالي حاليـا) والثالث للتعليـم الفني والرابع للبحث العلمي ويكون وزير التعليـم هو المسئول عن التنسيق المبـاشـر بين الوزارات الأربعـة ووضـع استراتيجيـة محددة في تطوير منظومـة التعليـم والبحث العلمـي في الوزارات الأربعـة كمرحلة انتقــاليـة تستغرق مابين عامين أو ثلاثـة أعـوام. وحتي نكـون مثلمـا العـالم المتحضر وفرض سياسـة العمـل المؤسسي أري عـدم السمـاح علي الإطلاق بوجـــود مايسمي بالمستشارين ويستبدل بهم نـواب وزراء وليكن أربعـة نـواب لكل وزير كل منهـم في فـرع محدد من فروع كل وزارة. ويكون جميعهـم من أساتذة الجامعـات المتخصصين ويتم تعيينهـم من رئيس الجمهوريـة أو من رئيس مجلس الوزراء.