الأهرام
نيفين عمارة
من الأونباشي للبكباشي.. كله فى خدمه الوطن
رغم تعدد الروايات حول نشأت تنظيم الضباط الاحرار و تناقضها فيما بينها إلا ان الضباط الاحرار سيظلون على مدى التاريخ يشكلون مرحله هامه فى تاريخ مصر المعاصر.. ادوارهم محوريه لكنها ساهمت فى انجاح تلك الثوره بشكل ما ،وبطل قصتنا اليوم هو الأونباشي ..سيد سليمان كريم
في نوفمبر عام 1952 فكرت مصلحة البريد في وضع تصميمات جديده لطوابع البريد لتعبر بها عن العهد الجديد الذى تشهده البلاد فكان أول طابع يحمل صورة فلاح تلاه طابع يحمل صورة جندي كممثلين لطبقات الشعب.

كانت التصميمات الجديدة صوراً حقيقية لأشخاص حقيقيين فقد تم اختيار عدد كبير من الفلاحين والجنود لتصويرهم وعرضت على مجلس الوزراء فأقر بعضها قبل رفعها للرئيس اللواء "محمد نجيب" الذي اعترض على المجموعة الخاصة بالجندي وقد أعيد البحث عن جندي آخر ليقع الاختيار على الأونباشي "سيد سليمان كريم" فقد كان وجهه يتمتع ببشرة برونزيه سمراء من صنع شمس مصر ، وفي عينيه بريق وعزم وقوة وتأمل ،وافق عليه الرئيس قائلاً: ( نعم.. هذا هو الجندي الذي يجب أن يمثل مصر)

ظهر وجه الأونباشي "سيد "على مجموعة طوابع "الدفاع"، ليكون أول جندي وضعت صورته على طابع بريد بعد 23 يوليو 1952، وليمثل مصر في العالم. ولد سيد سليمان كريم في 25 أكتوبر 1928 في قرية العسالقة مركز شبين الكوم، ذهب فى صباه للمدرسة الإلزامية في الصباح ليعود ليعمل في الحقل بعد ذلك، راقت له التجارة فدخل ميدانها وراح يتنقل بين الحقل وأسواق القرى.
دخل الجيش في 14 فبراير 1950، وكان جنديا مثاليا يحتذى في كل شيء.

التحق بدراسات محو الأمية و حاز شهادتها، وحصل على الدرجات النهائية في جميع المواد، وبعد نجاحه في امتحان فرقة التربية البدنية للألعاب الرياضية في أول يوليو 1951 كوفئ بشريط أحمر على ذراعه وعين مدربا للتربية البدنية بإتحاد القوات المسلحة.

تقدم لإمتحان الترقي لرتبة "اونباشي" وفي أول نوفمبر 1952 حصل على الشريط الأحمر الثاني ، وأبدى تفوقا في استعمال البندقية الرشاش "لانكستر" فأصبح مدربا لاستعمالها في المدفعية المحافظة بالقلعة.
كانت هذه قصة حياة "سيد" أما قصة اختياره لتمثيل مصر على طابع بريد فقد وردت على لسانه ، فقال: في شهر نوفمبر من عام 1952 إختاروني مع إثنين من الجنود من وحدات أخرى، والتقطوا لنا عدة صور، ولم نعرف ماذا حدث بعد ذلك حتى فقدت الأمل في أن أفوز بهذا الفخر، فخر وضع صورتي على طابع بريد! ومضى على ذلك شهر حتى ارسلت المصلحة المختصة تطلب إلى المتحف الحربي إرسال بعض الجنود لتصويرهم من جديد، وقام المتحف بإبلاغ ذلك إلى المدفعية المحافظة، فاختار اليوزباشي "عباس صدقي" أربعة من الجنود من بين 72 جنديا، وكنت أنا أحد هؤلاء المحظوظين الأربعة.

وذهبنا إلى المتحف الحربي وأشرف الصاغ "عبد الواحد الوكيل" على تمام الزي الذي نرتديه زي "القيافة" التامة الذي يستعمل في التشريفات، والتقطوا لنا في المتحف عشرات الصور، وكنت أتأمل وجوه زملائي الثلاثة وأؤكد لنفسي أنني لابد فائز.

وعشت احلم بهذا الفوز وطال انتظاري حتى كاد اليأس يتسلل إلى نفسي، وكان الاختيار قد وقع علي بالفعل، ولكن أحد لم يبلغني، وذات صباح وجدت صورتي منشورة في الأهرام داخل إطار الطابع الجديد، وحين أفقت من دهشتي كان زملائي يحيطون بي فرحين ومهنئين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف