الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
ألقوا مفاتيح الجامعة في النيل
- ما هو عمل أمين عام الجامعة العربية مع 22 هم مندوبو الدول الأعضاء وكلهم علي أعلي مستوي من الدبلوماسية والسياسة فهم علي الأقل سفراء أو وزراء خارجية سابقون.. ماذا يفعل كل هؤلاء طوال العام من مارس إلي مارس العام التالي موعد اجتماع القمة التقليدي!!! فضلاً عن حشد من الموظفين في فروع مختلفة!!!!
ماذا يفعل كل هؤلاء طوال العام؟؟
لا أقصد الأمين العام الجديد أو القديم أو أي أمين سابق.. يبدو ان سياسة "رأس الذئب الطائر" هي السائدة منذ أول أيام أمين عام للجامعة عام 1945 وهو المجاهد الكبير عبدالرحمن باشا عزام الذي كان لا يستقر علي مكتبه في قصر المانسترلي باشا أول مقر للجامعة قبل بناء هذا الصرح الضخم في ميدان التحرير.. كان يسافر فجأة إلي أي دولة عربية فيها مشكلة.. ليست مشكلة محلية طبعاً.. ولكن مشكلة سياسية تهم التضامن العربي والعلاقة بإسرائيل بالذات.. وهذا من حقه بصفته المسئول عن تضامن وتكاتف ووحدة الدول العربية.. وأيامه كانوا سبع دول فقط لا 22 دولة!! ثم لا ننسي قوة شخصية عزام باشا والكاريزما وتاريخه العربي حينما اشترك مع السنوسي في تحرير ليبيا وأبو مدين وبن بيلا في الجزائر.. جسده الطويل جداً مليء بضربات سيف!!! أتذكره حينما أشاهد فيلما لأنتوني كوين!!! كان عزام باشا دائم الحركة والسفر والنجاح في حل المشاكل فعزلوه!!! ومن يومها والأمين العام جالس علي مكتبه حتي اليوم لا يتحرك!!!
سبق أن كتبت مثل هذا الكلام من قبل.. ناشدت الأمين العام في ذلك الوقت ـ دون ذكر أسماء ـ بأن يقفل باب المبني الضخم ثم يلقي بالمفتاح في النيل!!! فقال لي:
ـ نحن موظفون.. نحن لا نملك الشخصية المعنوية وهي جامعة الدول العربية.. الملاك هم الدول الأعضاء.. الدولة ممكن أن تنسحب أو تبقي.. كما تريد ولكن نحن موظفون نؤدي عملنا الروتيني فقط انه هذا الرد المتزن العاقل الذي يصور الواقع الذي يؤيد ما هو حادث الآن بالضبط.. وكل دولة مهمومة بمشاكلها الخاصة لا اتحاد ولا معاونة ولا اتفاق ولا أية رابطة تربط دولة بأخري.. قولوا لي: لماذا الجامعة إذن؟!
***
هناك مثالان قريبان...
انتخابات "الفيفا" أخطر هيئة دولية علي سطح الكرة الأرضية.. اتحاد كرة القدم الدولي أخطر من هيئة الأمم المتحدة التي تصدر قرارات ولا أحد ينفذها.. توقع عقوبات وغرامات ولا دولة تدفع ما عليها.. عكس "الفيفا" التي يتم تنفيذ قراراتها رغم أنف أية دولة مهما كانت كبري ـ لا أمريكا ولا روسيا ولا أية دولة تستطيع أن تخالف القرارات ولا أن تتلكأ في دفع ما عليها وإلا ستخصم الفيفا مبلغ الغرامة من حصة الدولة فلا داعي لمعاداة هذا الاتحاد القوي.
عدد دول "الفيفا" أكبر من عدد دول هيئة الأمم.. شعبية "الفيفا" أضخم مائة مرة من شعبية مجموع الرياضات الأخري مجتمعة بدليل ان المونديال كل أربع سنوات أشهر وأغني وأكثر شعبية وإعلاما من الأولمبياد!!! "الفيفا" لها نسبة من ثمن تذاكر وإعلانات أية مباراة تقام علي سطح الكرة الأرضية.. قيل يوما ان "الفيفا" تستقبل كل ثانية ـ تصور كل ثانية ـ طوال أي يوم مبالغ نقدية!!
أليست هذه الهيئة الدولية "المرعبة" كانت تستحق أن تتحرك جامعة الدول العربية وتساند المرشح العربي لرئاستها وعندما يرشح نفسه عربي آخر بإيعاز من الأعداء تتحرك الجامعة لتمنع هذا الترشيح "المشبوه"!!! ومع ذلك سقط المرشح العربي بثلاثة أصوات فقط وسط أكثر من 260 صوتا!!!
أين كانت جامعة الدول العربية التي ناشدها الإعلام المصري كله للوقوف خلف المرشح العربي.. دون جدوي!!!
والآن أمامنا تحد جديد في انتخابات رئاسة المنظمة الثقافية التربوية العالمية التي تمثل الضمير العالمي لحماية التراث الذي تملك مصر ثلثه.. ألا وهي منظمة اليونسكو.. رشحت مصر واحدة من أهم خمس ناشطات علي مستوي قارة افريقيا صاحبة أعظم تاريخ في تولي عدة مناصب أكاديمية ثقافية.. لها إنجازاتها الشجاعة في مجال تعليم الإناث ومنع ختان البنات وكانت وراء العديد من التشريعات أهمها التي رفعت سن زواج البنات إلي 18 سنة وجعلت الختان جريمة يعاقب عليها ولي الأمر.
في اليوم التالي رشحت قطر أحد رجالها علي نفس المنصب!!! نفس ما حدث في انتخابات "الفيفا"!!! رجل قطر لا علاقة له بأي ثقافة.. مجرد عناد!!!
بعد 48 ساعة اجتمع وزراء خارجية الدول العربية لوضع جدول أعمال مؤتمر نواكشوط!!! ألم تكن انتخابات اليونسكو أهم من أي بند آخر في جدول الأعمال؟؟!!! هل معقول جدول أعماله كله مناشدة ومطالبة كل الأطراف المتنازعة في عدد من الدول العربية لتصفية الأمور بينها!!! وتأييد فكرة فرنسية قديمة لعقد مؤتمر دولي من أجل فلسطين وهناك مبادرة السيسي التي تتم فيها خطوات جادة!!! بالفعل!! ثم تقول لي: جامعة الدول العربية!!! فضوها سيرة وألقوا بالمفاتيح في النيل!!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف