المصرى اليوم
عباس الطرابيلى
مافيا الاستيراد ومافيا الدولار
مازلت أرى أن الحكومة صامتة عن اتخاذ أى إجراء ملموس للحد من الطلب على الدولار.. وهذا لن يتحقق إلا بالسيطرة على الصادرات. وقد يرى البعض أن زيادة الرسوم الجمركية أهم.. وأرد بأن هذه الزيادة لن تخفف من الطلب على الدولار.. بل الصواب هو الحد إلى درجة كبيرة من الاستيراد لسلع عديدة.. ليست ضرورية.. ولن نجوع أو حتى نموت إذا لم نستوردها.. وهو أسلوب يخشى البعض إن نفذناه أن تعاقبنا منظمة التجارة العالمية بحجة أننا ضد حرية التجارة.. رغم أن دولاً عديدة لجأت إلى أسلوب الحد حماية للاقتصاد القومى، وفى مقدمتها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، بل وأمريكا نفسها.
ومن هذه السلع التى نرى ضرورة منع استيرادها - ولو لفترات محددة بشرط ألا تقل عن خمس سنوات - تلك التسالى، وفى مقدمتها الكاجو واللوز والبندق والجوز والفستق وأبوفروة.. وفاتورة استيرادها تكاد تكون ثابتة فهى كانت عام 2012 بحوالى 467 مليون جنيه، وإن ارتفعت فى العام التالى إلى 486 مليوناً.. ثم عادت إلى 462 مليون جنيه.. ولا تقولوا لنا من يريدها عليه أن يدفع ثمناً غالياً بعد أن نزيد من الجمارك عليها.. لأن التهريب سوف يجعلها موجودة فى الأسواق.. وتذكروا «قطر غزة» عندما كان رجال التهريب يفرغون أجولة اللب على أرضية عربات القطار.. فى غزة، ثم يجمعونه كنساً عند عبوره نقطة الجمارك فى مدينة القنطرة!!

وأكثر من ذلك، هل تعرف أننا نستورد فواكه تصل قيمتها إلى حوالى 2500 مليون جنيه فى العام، كما حدث عام 2014، رغم أن فاتورة استيرادها تدور عام 2012 حول 1600 مليون جنيه فقط، وتشمل: التفاح والخوخ والبرقوق والكيوى.. ولم تذكر هذه القوائم الكريز، والكمثرى «الصينى» ولا الفواكه المجففة.

أما بلاوى المحمول فهى كثيرة.. ورغم دخول هذا المحمول بلادنا فلم نفكر حتى الآن فى إقامة مصنع لإنتاجه داخل مصر.. ربما لأن تكاليف إنتاجه داخل بلادنا أكبر من تكاليف إنتاجه فى بلاده.. وبالتالى أسعار بيعه فى مصر.. وإذا كانت فاتورة هذا المحمول - الذى أصبح فى يد حتى الأطفال - كانت عام 2012 هى 2956 مليون جنيه.. فإنها قفزت فى عام 2014 إلى 4619 مليوناً من أجهزة تليفون إلى شبكات تقوية إلى قطع غيار.. وأصبحت التجارة فى المحمول وتوابعه من أكثر أنواع التجارة ربحاً فى مصر.. أكثر من أى منطقة فى العالم.. ويكفى أن فى مصر الآن حوالى 95 مليون جهاز محمول، لأن منا من يحمل جهازين وثلاثة وربما أربعة!!

والغريب أننا فى مصر نفكر فقط فى حديد التسليح اللازم للمبانى.. ونسينا أن صناعات الحديد والصلب والفولاذ متعددة.. ويزداد الطلب عليها، بحيث قفزت فاتورة استيرادها عام 2014 إلى حوالى 33 ألف مليون جنيه، بعد أن كانت عام 2012 حوالى 27 ألف مليون فقط.. كل هذا بينما أكبر مصنع للحديد والصلب فى مصر يخسر المليارات.. وهو مصنع الحديد والصلب فى التبين، ضاحية حلوان، وكان هذا المصنع من مفاخر إنجاز العصر الناصرى.. فكيف يخسر.. بينما نستورد بالمليارات؟

ونصل إلى واحد من أهم مظاهر الخلل الاقتصادى.. فها هى مصر تتحول إلى واحدة من أهم مراكز استيراد السيارات والدراجات والجرارات.. وإذا كان مقبولاً استيراد الجرارات لزوم الزراعة فأين ذهب المصنع المصرى لإنتاج الجرار الزراعى؟! وللأسف زادت فاتورة استيراد السيارات والدراجات بنسبة 50٪ إذ كانت الفاتورة عام 2012 هى حوالى 22 ألف مليون جنيه، ولكنها قفزت - بعد عامين فقط - إلى ما يقرب من 38 مليار جنيه.

■ ■ وبالمثل قتلنا زراعة وصناعة القطن المصرى لنتحول إلى مستوردين، والفاتورة فى اتجاه تصاعدى رهيب، إذ قفزت من حوالى 3980 مليون جنيه إلى 4933 مليوناً فى عامين فقط.. هل من إجابة تروى غليل الوطنيين؟!

■ ■ وكذلك السكر الذى كنا نصدره.. والمصنوعات الحديدية التى تصل وارداتنا منها إلى ما يقرب من 20 مليار جنيه.

■ ■ والحل يا سادة: لن نقول بإغلاق مواسير الاستيراد.. أى بمنعه بالكامل.. بل بتحجيم ما نستورده من هذه السلع، وهذا لن يكون إلا بإزالة العقبات أمام الإنتاج المصرى، وكل هذه الأرقام أخذتها من دراسة الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين ورئيسه محمد فريد خميس.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف