المساء
عصام سليمان
الدواء.. المر!!
اليوم تبدأ الحكومة التفاوض مع بعثة صندوق النقد الدولي - التي وصلت القاهرة منذ ساعات - حول البرنامج الإصلاحي الذي تقدمه مصر بهدف الخروج بالاقتصاد الوطني من الأزمة المزمنة التي يعاني منها والحصول علي 12 مليار دولار دعماً نقدياً علي مدي ثلاث سنوات بفائدة ميسرة.
بداية نؤكد ان هذه خطوة جادة من جانب الحكومة للاعتراف بالمشكلة التي نواجهها وضرورة الخروج منها بإجراءات جادة علي أرض الواقع تتضمن تناول الدواء المر للعلاج من المرض الذي أصابنا منذ زمن ونعالجه بأسلوب المسكنات دون مواجهة حاسمة قبل أن تقع الكارثة علي رءوس الجميع!!
قلنا مرارا وقال خبراء الاقتصاد والاستثمار أننا بحاجة إلي العمل والإنتاج لأنه البوابة الأولي لدعم الاقتصاد ومواجهة التضخم وغلاء الأسعار وندرة الدولار.. وتزايد معدلات الفقر التي وصلت في آخر احصاء إلي أكثر من 27% لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم المعيشية!!
هذا فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة والتي تتطلب إجراءات فعالة لتوفير فرص العمل وتشغيل وحدات الإنتاج المعطلة والمتعثرة وتوفير المستلزمات بأسعار معقولة وبلا مضاربات أو محاولات احتكار من أي نوع!
والأمر يتطلب بوضوح وبلا مواربة سرعة ان نؤسس لثقافة جديدة تعتمد علي التعامل مع المواطن بشفافية مطلقة ليعرف حقيقة واقعه بدقة.. والأمل الذي ينتظره إذا شارك بجدية في مسيرة التحمل والبناء وذلك من خلال عرض الحقائق كاملة وبشفافية عن الأحوال المادية والنقدية والاقتصادية للوطن وأن ينتهي تماما عهد الصفوة في العلم بالأشياء والتحكم فيها!!
ومطلوب اتخاذ القرارات العاجلة والفعالة علي أرض الواقع والتي تضمن ترشيد الانفاق الحكومي وخفض عجز الموازنة والحد من الاستيراد العشوائي الذي يضر ولا ينفع إلا فئة المستوردين ورجال الأعمال والتجار.
ويتزامن مع إجراءات خفض الواردات ضرورة العمل علي زيادة الصادرات وتشجيع المنتج المحلي وتحقيق التوازن بين هذه الإجراءات الترشيدية للبرنامج الإصلاحي المجبرين عليه الآن وبسرعة وقبل فوات الأوان أن يتم الاحتواء الكامل للآثار المترتبة عليه بالنسبة لمحدودي لأن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي سيترتب عليه إجراءات في مقدمتها تعويم الجنيه وبالتالي زيادة جديدة في الأسعار!!
وربما لهذا السبب ركز الرئيس عبدالفتاح السيسي في اجتماعه يوم الأربعاء الماضي مع رئيس الوزراء والمجموعة الاقتصادية علي أهمية وضرورة التوسع في برنامج الحماية والمساندة الاجتماعية المتكاملة لمحدودي الدخل مع الحفاظ علي أسعار السلع الغذائية التي تهم هؤلاء.
بصراحه .. التعاون مع صندوق النقد الدولي هدفه ليس الاقتراض فقط ولكن الأهم هو تعزيز الثقة الدولية في الاقتصاد وجذب الاستثمارات الخارجية حتي نستطيع تحقيق الاستقرار النقدي والمالي وعلاج التشوهات الهيكلية التي يعاني منها اقتصادنا الوطني منذ سنوات.. فهل ننجح هذه المرة وبجد مثلما فعلت دول أخري مرت بنفس الظروف وعبرت بالسياسات والأساليب الناجعة؟!
أتمني.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف