المساء
مؤمن الهباء
التطبيع بلا ثمن
ماذا أضافت الزيارة التي قام بها اللواء أنور عشقي القيادي في جهاز المخابرات السعودي سابقاً لإسرائيل إلي القضية الفلسطينية أو إلي مبادرة السلام العربية المطروحة منذ عام 2002؟!
مرت عدة أيام علي الزيارة المثيرة للجدل ولم يطرأ أي تغيير علي الموقف الإسرائيلي.. لم تصدر أي تصريحات أو تلميحات ايجابية. ولو علي سبيل المجاملة. تجاه المبادرة العربية التي هي أصلا سعودية ثم تبناها القادة العرب في قمة بيروت عام 2002 ورفضتها إسرائيل علي مدي 14 عاماً مضت.. ولم تهتم حكومة الإرهابي نتنياهو برد التحية السعودية ولو باطلاق سراح دفعة من المعتقلين الفلسطينيين الذين قال السيد عشقي إنه ذهب للتضامن معهم ومع أسرهم.
ولم تهتم باتخاذ أي اجراء لتحسين الظروف المعيشية للشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال والحصار خارج المعتقلات.
بل لم تتورع حكومة نتنياهو عن دعم المستوطنين والمتطرفين اليهود أثناء اقتحامهم ساحة المسجد الأقصي الشريف تحت حراسة الشرطة.
إجمالاً ... لم تضف زيارة اللواء عشقي والوفد المرافق له لإسرائيل أي لمسة ايجابية علي الموقف العربي والفلسطيني.. ولم تصب في مصلحة السلطة الفلسطينية.. وانما أضافت الكثير إلي الموقف الإسرائيلي الذي احتفي بالزيارة واعتبرها انتصارا لاستراتيجية الفصل بين حل المشكلة الفلسطينية والتطبيع مع الدول العربية.. وتحولا كبيرا في الموقف السعودي.. ومؤشرا علي تغيير الموقف العربي ككل ازاء الصراع التاريخي.. وذلك بالنظر إلي الثقل الذي تمثله السعودية علي المستوي العربي والاسلامي والاقليمي.
لقد حاول السيد عشقي تبرير زيارته المثيرة للجدل بأنها استهدفت نقل رسالة للاخوة الفلسطينيين بأن المسلمين معهم.. والنقاش مع بعض أعضاء الكنيست ومدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية "دوري جولد" الذي التقي به في فندق الملك داوود بالقدس حول المبادرة العربية للسلام.
لكن الحقيقة أن هذا المبرر أو ذاك لم يكن يحتاج إلي الزيارة أساساً.. وهناك بالتأكيد قنوات رسمية وغير رسمية أكثر فاعلية في هذا الصدد.. لقد انتهت الزيارة بلا نتائج ولم يبق منها إلا أنها خطوة مهمة علي طريق التطبيع المجاني مع إسرائيل.. وثغرة في جدار الموقف العربي ـ والسعودي خصوصاً ـ تجاه إسرائيل.
ولهذا السبب رأينا ردود فعل غاضبة فلسطينية وسعودية علي الزيارة.. نقلتها مواقع التواصل علي شبكة الإنترنت.. خصوصاً بعد أن تبين أنها الزيارة الثانية للواء عشقي إلي إسرائيل.. وأنها جاءت في أعقاب اللقاء الذي جمع الأمير تركي الفيصل المدير السابق للمخابرات السعودية واللواء يعقوب عميد رور مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني في أوائل مايو الماضي.
ليس هناك ما يمنع من اجراء حوار بين السعودية وإسرائيل علي أي مستوي.. لكن كان يجب ألا يتم هذا الحوار مجانا وبلا ثمن.. فالسعودية بلد كبير.. ودخولها في حوار من أي لون وعلي أي مستوي مع إسرائيل منحة هائلة للدولة الصهيونية كان لابد أن تدفع له ثمناً مكافئاً.. وأقل ثمن في هذه الحالة كان اعلان إسرائيل الموافقة علي المبادرة العربية للسلام وتسوية القضية الفلسطينية بشكل عادل.. من خلال اقامة دولة للشعب الفلسطيني في الضفة وغزة وعاصمتها القدس مقابل اقامة علاقات عربية كاملة مع إسرائيل.
يقول السيد عشقي انه في هذه الزيارة لا يمثل الدولة السعودية .. ولا يعبر إلا عن مركز الأبحاث الذي يرأسه في جدة.. وهي صفة غير رسمية.. وهذا تبرير غير مقنع.. فكل الاجراءات التطبيعية بدأت باتصالات غير رسمية.. ثم انه لم يكن ليستطيع الذهاب إلي إسرائيل لو أن الحكومة السعودية رافضة لذلك.
مرة أخري.. لا تجعلوا التطبيع مع إسرائيل بلا ثمن.. وقد نبه الرئيس الفلسطيني أبومازن إلي ذلك في قوله أمام وزراء الخارجية العرب "السلام قبل التطبيع مع إسرائيل .. والسلام يعني الالتزام بالمبادرة العربية".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف