التحرير
اشرف توفيق
مكانك مش هنا!
جزء كبير من الخلاف الذى ينشأ أحيانًا بين الأصدقاء فى المناقشات السياسية الآن بسبب اختلاف المعايير فى الحكم على الأشياء، وربما لو ثبتت معايير كل منا لأصبح الحكم على المواقف أكثر سهولة، وانسدت ماسورة التبرير لكل مؤيد لفكرة.

هل تصدق أمريكا وتعتبرها راعية الديمقراطية أم أنها رأس الكفر والفساد العالمى؟ هل تصدق ما تكتبه الجرائد الإسرائيلية عن الأوضاع المصرية أم أنك لا تصدِّق عدوك، لأنه قطعًا لن يصدقك القول؟ هل الفنانون والمطربون لهم الحق فى طرح آرائهم السياسية أم أنهم أهل «هشّك بشّك» ومسخرة؟ هل واجب الرئيس أن يصارح الشعب بالأزمات أم يجب أن يخفيها حفاظًا على الروح المعنوية للشعب؟ هل واجب الحكومة أن تعمل أم أن الشعب عليه أن يصبر؟ هل من الممكن أن يمارس رجال الدين السياسة بحرية مهما اختلفت توجهاتهم، أم يجوز فقط إذا أيدوا ما تعتنق؟ إذا كان هناك متخصصون فى أمور الدين فعلى أى معيار سنعتبرهم من أهل التخصص: العِمّة، اللحية، مكان التخرج، عدد الجمهور؟ هل الدم بالنسبة إليك حرام على عمومه، أم أنه على حسب موقف صاحبه؟ هل تؤمن بأن هتك الأعراض والسب بأقذع الألفاظ وسيلة للدفاع عن رأيك أم أنها ربما تضعف موقفك النبيل؟

كل هذه الأسئلة وغيرها، إذا أجبت عنها بصدق، ربما كشفت لك إجاباتك كيف أنك تتعامل مع الأشياء بمنطق «القطعة»، أهلًا بفلان ما دام معنا الآن، وفى ألف داهية ما دام مع غيرنا، ولهذا ألف مبروك تستحق أن تكون مصريًّا هذه الأيام، أما إذا اكتشفت أن معاييرك ثابتة، فأبشر يا صديقى، فكل ما عليك أن تذهب إلى البنك الأهلى تجاوبًا مع حملته الشهيرة، وتهرب بره البلد، لأنه ببساطة: مكانك مش هنا!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف