المساء
عياد بركات
ويتجدد اللقاء .. سرطنة.. التعليم!
لا أجد سبباً للوكسة التي لحقت بنا في مجال التعليم إلا خصخصة التعليم التي انتشرت في عهد مبارك. كما انتشر السرطان في جسد المصريين. بما يأكلونه من خضر وفاكهة.. لقد أصاب "السرطان" تعليم المصريين وثقافتهم والسبب الرئيسي هو الخصخصة.. خصخصة التعليم.
ولما كان سرطان الأجسام يعالج بالكيماوي والبتر أحياناً فإن كل خصخصة للتعليم هي في حاجة لمبضع جراح لإزالتها نهائياً من الجسد التعليمي.. بعدها سوف يصبح الكيان التعليمي صحيحاً معافي!
هل يشك أحد في أننا دولة نامية. وأننا مازلنا إحدي دول العالم الثالث. وأننا مما يطلق عليه دول الجنوب الفقيرة.. أي إننا لم نصل بعد لأن نقلد دول الشمال تقليداً أعمي فنأخذ منها ما لا يناسب بيئتنا.
أتصور مثلاً أن يأتي التعليم الخاص الذي نتوسع فيه اليوم أتصوره يأتي في مرحلة لاحقة بعد سنوات عديدة نكون فيها قد ثبتنا أقدامنا وأصبحنا نقف علي أرض صلبة! فنحن مازلنا في مرحلة الخلخلة اقتصادياً وفكرياً واجتماعياً.
تصحيح مسار التعليم يجب أن يتم بخطوات مدروسة حاسمة أولها إلغاء التعليم الذي يفرق بين المصريين بمعني تعليم للفقراء وتعليم للأغنياء.. المساواة مطلوبة وينص عليها الدستور وبغير تطبيق المساواة لن يتقدم البلد. لا يجب أن يكون هناك تعليم للقادر وتعليم لغير القادر.. التعليم حق للجميع.. التعليم كالماء والهواء.
في مرحلة التعليم الجامعي أذكر أن خصخصة شُعب معينة برسوم عالية بدأت في كلية الحقوق الدراسة فيه بالفرنسية وقد تكون هذه الشعبة بالذات مبررة إلي حد ما.. ولكن ما تلاها بعد ذلك من تخصيص أقسام في كليات التجارة الدراسة فيها بلغة أجنبية بدأت رسومها بـ 3 آلاف جنيه سنوياً وتعدت الآن الـ 7 آلاف جنيه.. فهذه الشعب ليس لها ما يبررها أبداً وخريجو هذه الشعب لا يجدون وظيفة. إذن ما الداعي لمثل هذا السفه والاستفزاز؟!
إن التفرقة بين مصري وآخر في التعليم أو في أي منحي من مناحي الحياة هو اعتداء علي الدستور وعلي حقوق المصريين وعامل معرقل للتنمية والنهضة التي ننشدها التي أول أسبابها هو العملية التعليمية السليمة التي لا تفرق بين مصري وآخر علي أساس المقدرة المادية!
إن عدم المساواة بين المصريين كانت أحد الأسباب المهمة لانفجار ثورة 25 يناير المباركة التي استكملت بثورة 30 يونيو الفتية!
وأسوأ ما جد في خصخصة التعليم هو تخصيص فرع في كليات الطب برسوم عالية وهو ما يعني خصخصة التعليم الطبي في الجامعات الحكومية.. وهو خطأ لو تعلمون عظيم! ويصبح الخطأ أخطاء إذا عرفنا أن هذا السرطان.. وصل لكلية الطب جامعة القاهرة.. وهو ما لا يتصوره عقل ولا عاقل! إنه هدم للعملية التعليمية في أعرق معاهد العلم في الشرق كله.. فهل نضمن لأولادنا في كلية الطب الذين لم يدخلوا هذه الشعبة ـ شعبة الذوات مادياً ـ أن يتلقوا تعليماً جيداً؟ إلي من سيتوجه أستاذ الطب بتعليمه؟ وهل سيكون عطاؤه واحداً في الحالتين لأولاد الفقراء أم لأولاد الذوات مادياً التي لابد أن يناله منهم نصيب؟
أسئلة كثيرة تحتاج لحسم.. والحديث مستأنف.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف