المساء
محمد جبريل
علي البحري .. اقتصادنا.. والنظرة الشاملة


بعد أن يجري الطبيب فحوصه. ويراجع نتائج التحاليل والأشعة. يسأل المريض عن الأدوية التي ربما يعالج بها أمراضاً أخري.. يستغرق الطبيب وقتاً قبل أن يصف الدواء المطلوب. يعرف تأثيراته بالضرورة. لكنه يخشي عدم تداخل الدواء بأدوية قد تحدث تفاعلاتها تأثيرات سلبية محتملة.
العلاج الطبي الحقيقي يرفض "التجزئة". لا قيمة لعلاج حالة ما بمعزل عما قد يعانيه الجسد من أمراض.
أخطر أنواع العلاج ما يقتصر علي الحالة التي يشخصها الطبيب. قد يتفاعل الدواء بأدوية أخري. لا يعرفها الطبيب. ولا عرف من المريض أنه يعالج بها. تحدث نتائج سلبية. كان من السهل تلافيها لو أن الطبيب عالج الحالة التي شخصها ضمن حالات أخري يعانيها المريض.
ظني أن تلك النظرة الشاملة إلي أوجاع المريض. هي ما يجدر بأطباء الاقتصاد المصري أن يشخصوا- ما يطرأ عليه من أمراض- الحالات متداخلة. والعلاج الذي يشير به الطبيب في حالة ما. قد ينعكس بالسلب علي حالات أخري.
المجموعة الاقتصادية تعني دراسة الصورة الشاملة للاقتصاد المصري. بحيث لا تجتهد كل وزارة أو هيئة في زيادة مواردها دون أن تراعي انعكاس قراراتها علي الميزانية الأسرية للمواطنين. إلي جانب الميزانية العامة للدولة.
يصعب التصور أن تواصل أسعار السلع الغذائية ارتفاعها المذهل. بينما ينذرنا مسئولو الكهرباء والمياه وقطاعات الخدمات عموماً. بتوالي ارتفاع أسعار الاستهلاك- التي نكتوي بنيرانها فعلاً- حتي يرفع الدعم تماماً.
من حق مؤسسات الدولة أن تدبر ميزانياتها وفق استراتيجية. تراعي الظروف الاجتماعية والاقتصادية. وتضع حساباً لكل الاحتمالات. فلا تتحول وزاراتنا وهيئاتنا الحكومية إلي جزر منعزلة. تطالعنا بتلاحق الرسوم والضرائب ورفع الأسعار. التي يمليها التعامل في جوانب محددة تخص كل مؤسسة. وإن أحدثت- في عمومها- تأثيرات قاسية تشمل الحياة اليومية للمواطنين.
لعلنا نجد المثل في عزف الموسيقي الذي قد يعلو به عديد الآلات. فيتحول إلي ضوضاء تؤذي السمع!
الإجراءات الاقتصادية المتشابكة. والمتضاربة. يمتد تأثيرها إلي حياتنا اليومية. إلي الموارد التي تعيننا علي الإنفاق. وعلي مواجهة احتياجاتنا الشخصية والأسرية. وإلي الموارد التي تقررها الوزارات والهيئات خصماً من ذلك. ومعالجة ما قد ينشأ من أعراض طارئة أو ثابتة. لن يتحقق بغير النظرة الشاملة التي تحرص علي التجانس في تعاملها مع المواطنين. فلا يتحول العزف المنفرد إلي صخب مؤلم يصعب العيش فيه!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف