محمد جبريل
ع البحري .. الغرب.. ذلك المتآمر الأزلي!
علي الرغم من أن وكالات الأنباء العالمية بالغت في اهتمامها بتصريحات جون برينان رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية حول الوضع في سوريا. فإنها كانت متوقعة. ذلك ما كانت تشي به تطورات الأحداث منذ مطالع القرن العشرين حتي الآن. ولعله يمكن القول إن الحرب الأهلية السورية ليست إلا حلقة في سلسلة المؤامرات التي شملت الكثير من أقطار الوطن العربي.
المسئول الأمريكي أبدي تشاؤمه من عودة القطر السوري إلي وضعه قبل أن تبدأ مؤامرات التدخل الغربي. وتحول المدن السورية من ثم إلي ساحات قتال. تعاني الدمار وقتل الألوف وتشريد الملايين من أبنائها. لا أبرئ النظام السوري. فقد أتاح بصلفه لفصائل الإرهاب أن تتسل إلي المظاهرات التي كانت هتافاتها تعلو بالسلام. فتحقق ما خطط له التآمر في السي آي إيه والموساد. كان التآمر ينتظر لحظة البدء. وهو ما أتاحه له النظام السوري من ناحية. والقوي التي تدعي المعارضة من ناحية ثانية.
وكان أول ما حرص عليه الحاكم العسكري الأمريكي برايمر عقب غزو العراق. إلغاء الجيش. وإحياء النعرات الطائفية والعرقية. وتقسيم المجتمع العراقي إلي سنة وشيعة وأكراد. واتساقاً مع المخطط الأمريكي شهد العراق مذابح بشعة ـ من منطلقات مذهبية ـ بين أبناء القطر الواحد. ووجد البرزاني في ذلك فرصة لإعلان دعوته بالدولة الكردية المستقلة!
وأذكر أني تابعت ـ مذهولاً ـ ممثلاً لأحد الفصائل الليبية يتحدث في قناة فضائية مصرية عن ولاية برقة المنفصلة عن القطر الليبي!
وطالت المفاوضات بين الحكومة الشرعية في اليمن وبين تحالف الحوثيين وأنصار عبدالله صالح الذي أرغمه الشعب علي التنحي. وحددت الكويت موعداً نهائياً لمفاوضات المماطلة. فلم يعد أمام الحوثيين ـ صالح إلا أن يقوضوا أساس المفاوضات بقيام حكومة مشتركة تدير شئون اليمن!
وفي ظل غياب الوعي العربي ـ علي مستوي القيادات والقواعد الشعبية ـ تتعدد أمثلة التجزئة. بداية من انفصال السودان إلي دولتين. وامتداداً إلي آفاق يصعب التكهن بما تخفيه.
التفتيت هو الهدف الذي عني الاستعمار الغربي ـ ذلك المتآمر كما يصفه أستاذنا فؤاد زكريا ـ بالإعداد له. وتنفيذه. عبر وقائع متوالية. أخطرها ـ كما نعلم ـ زرع الكيان الصهيوني في قلب المنطقة العربية. بما يفصل ـ بصورة عملية ـ بين أقطار الوطن الواحد. وضع إنشاء إسرائيل حداً فاصلاً. مغلقاً. بين دول المشرق والمغرب. أذكرك بمصير قطار الشرق الذي كان يبدأ من محطة الإسكندرية. ويخترق المدن حتي اسطانبول.
ما أعلن رئيس المخابرات الأمريكية عنوان للمؤامرات التي استهدف بها الاستعمار الغربي أقطارنا العربية. وستظل المؤامرات قائمة ومستمرة ما لم يتحول رد الفعل إلي فعل إيجابي. يحفظ علي الوطن العربي تماسكه ووحدته وموارده الهائلة.