المساء
مؤمن الهباء
شهادة .. قبل النظام الجديد
ابتداء من العام القادم سيكون هناك نظام جديد لامتحان الثانوية العامة ونظام جديد للقبول بالجامعات لا يعتمد علي المجموع وحده.. هذا ما وصلنا من التصريحات الرسمية المتواترة خلال الأيام والأسابيع الماضية.. بعدما تعالت صيحات الغضب من تفشي ظاهرة الغش الجماعي والفوضي التي شهدتها امتحانات الثانوية هذا العام.
ولا أحد ينكر سلبيات النظام الحالي لامتحانات الثانوية والقبول بالجامعات وضرورة تغييره.. لكن المشكلة أن لا أحد يثق في أن التغيير سوف يأتي بالأفضل.. خصوصاً أن تجارب التغيير السابقة انتهت بالفشل وعدنا إلي النظام التقليدي.. إضافة إلي أن تجارب تطوير المناهج جاءت دائماً بما هو أسوأ.
هل إذا عادت الثانوية إلي امتحانات التيرم ـ مثلاً ـ وتوزيع الدرجات علي اختبارات شهرية ونصف سنوية سيكون ذلك تخفيفاً للأعباء أم زيادة في النفقات وفي الضغوط علي الطلاب وأولياء أمورهم؟!.. لاحظ هنا أن نظام الثانوية عندما كان علي عامين كان أكثر إرهاقاً وإنفاقاً ولم يحل المشكلة بل زادها تعقيداً.. وعندما اخترعوا نظام تحسين المجموع تحول الأمر إلي مهزلة.
وإذا ما ألغي دور مكتب التنسيق.. ولم يعد المجموع هو الفيصل الوحيد لدخول الجامعات.. هل هناك ثقة في أن اختبارات القبول والقدرات ـ مثلاً ـ ستكون نزيهة ومطمئنة.. وستنصف الطلاب فعلاً.. أم أن ما نشاهده من مظاهر الفساد والتسيب والمجاملة.. ومحاباة أصحاب النفوذ والحظوة سيجعلنا نشك في لجان الاختبارات.. ويدفع الناس كل عام إلي البحث عن "واسطة".
رغم كل السلبيات التي نعرفها.. إلا أن مكتب التنسيق بالصورة التي يعمل بها حالياً مازال يجسد الصورة الحقيقية لمبدأ تكافؤ الفرص.. بل لعله الصورة الوحيدة الباقية لتكافؤ الفرص والمساواة بين جميع المصريين بصرف النظر عن طبقاتهم الاجتماعية وقدراتهم المالية ومواقعهم الوظيفية والنفوذ الذي يملكونه.. ومازال بعيداً عن التدخلات التي تفسد ميزان العدالة.
يجب أن نعترف بأن خبرتنا مع اختبارات القبول والقدرات والهيئة والشفوي وليست جيدة.. وقد ترسخ في أذهاننا أن هذه الاختبارات غالباً ما تكون صورية.. وتمثل أبواباً خلفية لمجاملة أصحاب النفوذ والأصدقاء ومن يقدر علي الدفع.. وإلي أن تتغير ثقافة "الواسطة" و"المحسوبية" فإن مكتب التنسيق يظل هو الحل.. مع تطوير الوسائل التي يعمل بها لتخفيف المعاناة عن الناس.. ويظل الاحتكام إلي المجموع هو الحل.. مع البحث عن معايير موضوعية أخري لا تتدخل فيها الأهواء كالمجموع التكراري ـ مثلاً ـ الذي يعني المجموع الكلي إضافة إلي مجموع المادة أو المواد المؤهلة للدراسة في كل كلية.
لقد زادت علينا ظاهرة جديدة ومخيفة هذا العام والعام الماضي تجعلنا أكثر ريبة وتشككاً مما يجري في امتحانات الثانوية.. وأقصد بها ظاهرة "صفر الثانوية".. في العام الماضي كانت الطالبة مريم ملاك ذكري ابنة قرية صفط اللبن.. وتكررت الظاهرة هذا العام مع الطالبة أميرة زكريا جوهر ابنة محافظة المنيا التي حصلت علي صفر في جميع المواد باستثناء درجة في الانجليزي ودرجة في الأحياء.. مما اضطرها إلي تحرير عدة محاضر في الشرطة تتهم فيها وزارة التربية والتعليم بالتلاعب في أوراق إجابتها.. ومازالت الضجة مثارة دون العثور علي تفسير منطقي.
في النهاية.. لابد أن يكون هناك قبول وارتياح شعبي للنظام الجديد.. ولابد أن يجري حوار مجتمعي حر وصريح حول هذا النظام قبل تطبيقه في مناخ من الثقة.. حتي نضمن تجنب السلبيات السابقة والحالية.. ونضمن استمرار النظام الجديد واطمئنان الناس له.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف