الجمهورية
جلاء جاب اللة
دروس زويل في الموت.. أكبر!!
* * يظل الموت هو الحقيقة الأولي في عالم الأحياء.. الموت حق.. والروح من أمر ربها.. ولا تدري نفس ماذا تكسب غدا.. ولا تدري نفس بأي أرض تموت.
.. قد يملأ الإنسان الأرض صراخا وكلاما.. وأحيانا أفعالا.. وانجازات.. وقد يكون ايجابيا.. أو سلبيا.. المهم.. تمر الأيام سراعا.. وفجأة تستيقظ علي خبر ان انسانا عزيزا مات.. فارق الحياة..!!
* * لا أقول تلك الكلمات بمناسبة وفاة عالم نوبل العالمي المصري الأمريكي أحمد زويل فقط.. بل لأن الموت كلما جاءت سيرته أيقظ داخلنا الاحساس الحقيقي بالدنيا.. وأنها مهما أعطت ومهما أخذت فهي إلي زوال.. وتبقي الآخرة.. وحياة ما بعد الموت والحساب هي الأبقي سبحانك ربي.. علمتنا ذلك ولكننا نجهل ونتجاهل فتذكرنا بلطفك ورحمتك.. فلا تحرمنا رحمتك ولطفك قبل عدلك يوم الحساب..!!
* * عندما مات هارون عليه السلام ودفنه موسي عليه السلام بكي موسي عندما تخيل أخاه سنده ورفيق رحلة النبوة وابن أمه وأبيه.. عندما تخيله تحت التراب يعاني ويقاسي الوحدة والألم والحساب.. فأوحي الله إلي نبيه موسي قائلا: "يا موسي لو أذنت لأهل القبور أن يخبروك بلطفي لأخبروك.. يا موسي لم أنسهم وهم علي ظاهر الأرض أحياء.. فكيف أنساهم وهم في باطن الأرض مقبورين.. يا موسي إذا مات العبد لم أنظر إلي كثرة معاصيه.. ولكن انظر إلي قلة حيلته" يا أرحم الراحمين.. يا الله.. انت الرحمن.. انت الرحيم انت اللطيف الخبير.. تعلم من خلقت وما خلقت فكنت بهم لطيفا خبيرا.
حديث الموت يسبق الحديث عن زويل.. لأن الموت هو الحقيقة الأولي.. وقد ذكر الله سبحانه وتعالي الموت قبل الحياة "تبارك الذي بيده الملك وهو علي كل شيء قدير. الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور" وعندما يموت انسان بقيمة أحمد زويل ستجد الجميع يتباري في الحديث عنه.. وعن مناصبه وتاريخه ووصيته ناسيا ان الموت غيَّب عن الدنيا كثيراً من عظماء البشرية وأولهم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وهو الوحيد الذي خير فاختار الرفيق الأعلي.. فالموت يأتي حولنا.. يمر أمامنا يقترب منا.. يخطف أحبابنا.. أكبر منا.. واصغر منا وكأنه يقول لنا بصوت عال لكننا نصم آذاننا.. "انتظر فموعدك قادم.. قريبا" اللهم احسن خاتمتنا.. وتب علينا واقبلنا في عبادك الصالحين.
حديث الموت عظة وعبرة ودرس لمن يريد.. والحديث عن زويل عظة وعبرة ودرس لمن يريد..
زويل ابن مصر.. عطاء في العلم.. لكنه لم ينس ربه.. "إنما يخشي الله من عباده العلماء".. زويل ابن مصر الذي تجنس أمريكيا.. وعاش في أمريكا وأعطي.. لكنه لم ينس أهله ووطنه وتلك هي سمة كل أبناء مصر الأوفياء الذي ارتبطوا بترابها وسمائها وهوائها.
عاد وهو حديث العالم يبحث عن دور من أجل مصر.. وعندما مات اختار ان يدفن في تراب مصر..!!
.. لن اتحدث عن زويل العالم.. فالعالم كله يتحدث عن علمه.. ولا عن زويل الحائز علي جائزة نوبل وكان مرشحا لجائزة نوبل الثانية.. فالحديث في هذا المجال له رجال اقتربوا من الرجل حيا ولهم الحق في أن يتحدثوا عنه ميتا.. لكن اتحدث عن المعني والقيمة والدرس.. اتحدث عن الموت الذي خطف زويل فجأة برغم عمره السبعين لكني رأيته منذ عام تقريبا.. وكان قادرا علي العطاء مليئا بالحيوية وحب الحياة.. راغبا في التميز واستمرار العطاء.. تحدث عن علاجه في الفترة الأخيرة وتجارب المعالجين معه وكيف استسلم كعالم لهم وهو موقن بالنجاح.. وبالفعل نجحت التجربة وعولج.. لكن الموت له حديث آخر وفي الأمثال الشعبية في الريف المصري يقولون: "كيف حال مريضكم.. ويكون الجواب: صحيحنا مات"..!!
زويل ابن دمنهور.. خريج علوم الإسكندرية تعلم في المدارس الحكومية.. نبغ وأصبح من الأوائل في هذه المدارس الحكومية.. أليست تلك رسالة لأولي الأمر في التعليم؟
هذا الجيل من العباقرة والنابغين من أهل مصر الذين تعلموا في مدارسها الحكومية وصلوا ونبغوا وتألقوا.. واعطوا واستمر عطاؤهم.. وليس زويل وحده فهناك نوابغ آخرون ندعو الله أن يطيل أعمارهم ويزيدهم مثل محمد غنيم ومجدي يعقوب ومصطفي السيد.. وغيرهم وغيرهم.. علامات في التاريخ العلمي والطبي والأدبي والأخلاقي في مصر.. كلهم تخرجوا في مدارس حكومية وليست خاصة أو دولية ونبغوا.. وكلهم من جامعات حكومية وتألقوا وأصبحوا نجوما في دنيا العلم والعالم الأكاديمي وأساتذة في كل مجالات العلم والحياة..!! انهم دروس لنظام التعليم في مصر الآن والذي يحتاج إلي تعليم وتربية وتطوير وإدارة..!!
.. درس آخر من حياة زويل وهو عودته لأرض الوطن وهو في قمة تألقه ليحاول أن يرد الجميل.. اعتقد أن الدولة مطالبة الآن باكمال هذه الرسالة وان نساند بكل قوة استكمال الصرح العلمي الذي بدأه زويل تخليدا لاسمه وتأكيدا علي المعاني الوطنية الصادقة في هذه الرسالة.
.. درس آخر من دروس العبقري أحمد زويل عندما أوصي بدفنه في تراب مصر.. انه تأكيد لعبقريته واحساسه الوطني وصدقه وتميزه في الوطنية الحقيقية بالعطاء والعمل وليس بالكلام الحنجوري..!!
.. أحمد زويل المصري الأصيل ابن دمنهور.. صاحب نوبل العالمية.. وصاحب الابتكارات العلمية الكبيرة.. والعالم النابغة الانسان.. سيظل الفرعون العالمي في عصر تجاهل العلم والعلماء.. وسيظل علامة حقيقية في تاريخ العظماء من أبناء مصر وسيظل اسما علما مرادفا للعطاء والعلم والنبوغ في العالم.. وفي الأصالة والتميز المصري الأصيل.
الدولار.. والقروض.. والإنسان البسيط
... قضية الدولار والقروض التي تتفاوض مصر بشأنها وتأثير هذه القضية علي الإنسان المصري البسيط هي حديث الساعة.. والإنسان المصري البسيط هو هدف كل انجاز يتحقق علي أرض الوطن ولكن من هو هذا الإنسان؟
هل هو محدود الدخل؟ هل هو الموظف؟ هل هو ابن الطبقة الوسطي التي تآكلت فعليا وعلي أرض الواقع؟.
الإنسان المصري هو كل من يعيش علي أرض مصر فالأزمة لم تعد تفرق بين غني أو فقير.. والدولار كما أثر في أسعار القصور.. أثر في سعر الطماطم وكما ارتفعت أسعار الشاليهات في الساحل الشمالي.. ارتفعت أسعار الأساسيات التي يحتاجها الفقير.
مشكلة الدولار لن تحلها القروض أو المفاوضات مع الجهات المانحة.. لأن القروض مجرد مسكنات وقتية سرعان ما تزول.. ولن يحلها إلا الانتاج.. الزراعة والصناعة هما العلاج والحل الحقيقي لهذه المشكلة.. لابد أن نعود للزراعة فلا يعقل أن نستورد غذاءنا ونحن كنا خزائن الأرض وسلة الغذاء الأرضية يوما ما.. ولا يعقل أن نستورد كل شيء وأي شيء وان نغلق مصانعنا لنستورد.. والغريب أننا نستورد كل ما تنتجه بعض خطوط الانتاج في الصين وغيرها.. فلماذا لا ننشئ هذه المصانع وخطوط الانتاج هنا في مصر؟
الانتاج وحده هو الحل.. والزراعة والصناعة هما الأصل ولابد أن يكون اهتمامنا الأول في هذا الاتجاه.
.. نقطة أخيرة اتمني أن تصل لمجلس الوزراء الموقر وهي أن كل جهد الحكومة لا معني له إذا لم يصل إلي الإنسان البسيط.. كل الانجازات طويلة المدي والتي لا غني عنها لمستقبل مصر لن تغني أبدا عن مشروعات صغيرة سريعة الانتاج يشعر المواطن البسيط بآثارها.. مطلوب أن يشعر الانسان البسيط بأن الحكومة والدولة تسعي من أجله ولن يشعر بذلك إلا من خلال الخدمات الحكومية خاصة التعليم والصحة.. وكذلك الأسعار التي ترتفع بشكل جنوني.
تدخل الدولة أصبح ضروريا لمواجهة الارتفاع الجنوني وغير المبرر للأسعار.. في كل شيء.
محمود نافع.. معنا دائما
محمود نافع.. رئيس تحرير الجمهورية الأسبق.. الزميل.. الأخ.. الإنسان.. الصديق.. صاحب اجمل ابتسامة وأحلي نكتة.. صاحب القلم الرشيق.. الساخر.. الباسم.. الصادق تمر ذكراه الثالثة هذا الأسبوع.. وهل مّنْ هو مثل محمود نافع ينساه زملاؤه في الصحافة المصرية أو القارئ المصري؟
محمود نافع.. جمال كمال.. سيد أحمد.. زملاء وإخوة واصدقاء أعزاء رحلوا.. مع كل يوم نتذكرهم ونعايشهم ونعيش أحلي ذكريات معهم ومع ذكراهم.. وحتي نلقاهم في دار الحق سنظل نتذكرهم ونذكر تميزهم وندعوك ربنا اغفر لهم وارحمهم وتجاوز عن سيئاتهم وادخلهم مدخل صدق.. ادخلهم جنتك بلا حساب أو عذاب.. آمين.. آمين يارب العالمين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف