عبد القادر شهيب
العقارات.. لعبة الأخوان الجديدة!
في أحد الأفراح المقامة بإحدي المدن الأمريكية. وبعد أن تعرف صديق مصري يعيش في أمريكا علي بعض الشخصيات المدعوة للفرح استنتج أنهم ينتمون للإخوان فوجيء بهم يعرضون عليه تغيير أية كمية من الدولارات الأمريكية بالجنيه المصري إذا كان يرغب وأن يتم تسليم أحد من طرفه الجنيهات داخل مصر بسعر الدولار 14 جنيهاً وبعدها يسدد هو الدولارات المحولة وبالتقسيط المريح إذا أراد..!
إلي هنا والأمر باستثناء دفع الدولارات بالتقسيط المريح ليس جديداً ومعروف للسلطات النقدية وغير النقدية المصرية. ولا يقتصر فقط علي أمريكا. بل إنه ينتشر في أوروبا وقبلها في دول الخليج التي يوجد فيها أعداد أكبر من المصريين. خاصة من هؤلاء العاملين في الخارج وتوجد عائلاتهم داخل مصر ويحتاجون بشكل دائم إلي تحويل أموال لهم.
لكن الجديد والمهم والخطير أيضاً أن هؤلاء الأشخاص عرضوا أيضاً علي الصديق المصري الذي يعيش في أمريكا وآخرين مثله شراء أية أراض أو عقارات يرغبون في بيعها وبالسعر الذي يرغبونه أيضاً!
هنا لابد من وقفة لنفهم ماذا يفعله الاخوان الآن خاصة في المجال الاقتصادي.. ابتداءً عندما يعرض الاخوان تحويل الدولار بهذا السعر المرتفع وأيضاً شراء عقارات وأراض فهذا يعني أنهم لديهم ما يكفي من الأموال.. أي أن كل عمليات التحفظ التي أجريت علي ممتلكات للاخوان داخل مصر لم تؤثر بشكل كبير علي قدراتهم المالية خاصة داخل مصر. لأنهم إذا كانوا يعرضون شراء الدولار والعقارات وبأسعار مرتفعة فهذا يدل علي أن لديهم سيولة مالية كافية. أو لديهم مصادر متجددة من داخل وخارج مصر توفر لهم هذه السيولة المالية.
ثم عندما يهتم الاخوان بشراء أراض وعقارات ويبحثون بأنفسهم عنها ولا يكتفون بالذهاب لمن يعرضون بيعها. فهذا يعني أنهم مهتمون الآن بالاستحواذ علي الأراضي والعقارات بشكل خاص مثلما هم مهتمون بجمع الدولارات الأمريكية من داخل وخارج مصر وحجبها عن السوق المصرية لإثارة أزمة نقد أجنبي لدينا لها دوماً تبعاتها وآثارها السلبية علي كل مناحي الاقتصاد المصري بدءاً من الاستثمار وحتي التضخم وارتفاع الأسعار.
وقد يقول قائل إن الاخوان قد يفعلون ذلك - أي شراء العقارات والأراضي - لتعويض ما فقدوه من عمليات فرض التحفظ التي طالت العديد من منشآتهم.. وهذا وارد وغير مستبعد بالطبع. خاصة أنهم لا يشترون الأراضي والعقارات بأسماء شخصيات معروف انتماؤها للجماعة وانما بأسماء شخصيات بعيدة عن الملاحقة الأمنية. خاصة أنهم متمرسون علي لعبة إخفاء ممتلكات وأموال الجماعة علي مدي قرابة التسعين عاماً. وأول صدام داخل الجماعة كان بسبب كشف ستر بعض أموالها حينما حاول بعض الأعضاء إبلاغ النيابة عن مخالفات مالية فيها فما كان من مؤسس الجماعة حسن البنا هو وعدد من أنصاره سوي اعتراض طريقهم وهم في طريقهم للنيابة وضربهم علقة ساخنة استخدمت فيها العصي.
ولكن مع ذلك ثمة هدف آخر وارد ومحتمل لما يفعله الاخوان الآن بالنسبة للإقبال علي شراء الأراضي والعقارات.. وهو المضاربة عليها. مثلما يفعلون في الدولار الأمريكي.
انهم لا يشترون الدولار من المصريين في الخارج وبأعلي سعر الآن من أجل الاستحواذ عليه. وانما من أجل المضاربة عليه بهدف رفع سعره وإلحاق الأذي بالاقتصاد المصري وعموم المصريين. آملين أن يثير ذلك غضبهم ويدفعهم ذلك للانتفاض علي الحكم القائم الذي تمخضت عنه 30 يونيو فتقوم الجماعة باستثمار هذه الانتفاضة الجديدة علي غرار ما فعلت في 25 يناير. وتتمكن خلالها من إنقاذ قادتها وإخراجهم من السجون ثم فرض سيطرتها علي الحكم مجدداً. أي تكرار ما فعلته في عامي 2011 و.2012 والأغلب أنهم لا يشترون أيضاً الأراضي والعقارات داخل مصر بغرض الاستحواذ عليها أو تعويض ما فقدوه منها خلال الفترة الماضية من خلال عمليات التحفظ التي طالت قادة وبعض أعضاء جماعتهم المعروفين.. وانما الأرجح أنهم يضاربون علي الأراضي والعقارات أيضاً.. وهذه المضاربة الجديدة لا تقل خطورة عن المضاربة علي الدولار وتكملها في تحقيق هدفهم الشرير وهو توجيه ضربات حادة للاقتصاد المصري لتوجيه أكبر إيذاء ممكن للمصريين يتجاوز نطاق الانتقام منهم لتحريضهم علي الحكم القائم.
اننا نعرف أن أولي محاولات تحريك الاقتصاد المصري واستنهاضه لتجاوز ما تعرض له من مشاكل خلال السنوات الماضية كان تنشيط المجال العقاري باعتباره أداة لتنشيط الاقتصاد أو قاطرة لتحريكه. وهو ما أدي إلي تقليص معدل البطالة خلال العامين الماضيين من 13.4 إلي 12.8% وأسهم في تحريك معدل النمو الذي انخفض إلي ما دون 2% ليصل إلي 3.4%.. وعندما يضارب الاخوان في الأراضي والعقارات فهذا معناه أنهم يلاحقون بالتخريب كل محاولة لاستنهاض الاقتصاد المصري.
والمعني المباشر لهذا كله اننا لم نقض بعد علي جماعة الاخوان ولم نتخلص من كل شرورها رغم أن قادتها أو أغلبهم في السجون الآن. لأن هناك كوادر لهم داخل وخارج مصر ينشطون من أجل إيذائنا.