حسن حامد
أعقلها .. زويل واستكمال المسيرة
"أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت". تذكرت هذا القول الذي قاله سيدنا أبوبكر الصديق حين انتقل الرسول الكريم ـ صلي الله عليه وسلم ـ إلي ربه. وأنا أتابع تلك المندبة التي نصبها البعض إثر وفاة العالم الجليل أحمد زويل في أمريكا.
كان يجب أن نتذكر أن أحمد زويل عالم تبتل في محراب العلم حين تنكرنا له. وأذكر أنه رحمه الله سافر إلي الخارج في الوقت الذي أصدرت فيه الجامعة قرار فصله. فالتقطه الغرب ومنحه الامكانيات الكفيلة بأن يكون في مقدمة المكتشفين والمبتكرين والمخترعين والعباقرة. وكان يجب بالتالي أن نتوقف عن البكاء علي اللبن المسكوب ونتوقف عن ترديد أنه أسس مدينة علمية تنهض علي سواعد العباقرة والمخترعين أمثاله ولم يكن له نصيب منها. ونجتمع علي كلمة سواء تضمن استمرار مشروعه العلمي بل والنهوض به كما كان يحلم له.
نحن أكتفينا بأن نردد أن زويل رحل وأغلق برحيله نافذة العلم الذي كان يمكن أن تستعيد به مصر ريادتها في مختلف المجالات من جديد. وأنه برحيله لن تقوم للعلم قائمة في مصر ونسينا أن لدينا عباقرة لا تقل قامتهم بحال عن قامة زويل. ولو كان زويل قد مات فإن لدينا ألف زويل. وهكذا ينبغي أن نؤمن بأن مصر لن تخبو جذوتها أبدا سواء في العلم أو الفن أو الدين أو الثقافة.
أنا بالتأكيد حزين كل الحزن علي هذا العالم المصري الذي رحل عن دنيانا جسدا وكان يتمني ـ وكنا نتمني معه ـ أن يمكنه القدر من تحقيق أحلامه ويشهد تخريج أول دفعة من هؤلاء العلماء الشباب المخترعين من مدينة زويل العلمية. لكن هكذا شاء القدر ولكل أجل كتاب. ولكن حزني الأكبر أن نظن أن برحيله سوف تتوقف المسيرة. فمن يقول ذلك غير منصف بالتأكيد.
أحبطوا زويل كما أحبطونا وتركوه فريسة لبراثن الغرب فالتهموه فكراً وابداعاً. وأفادهم وكان يتمني أن يفيد بلاده. لكن بلاده تأبي إلا أن تكون في ذيل الأمم. ولسنا في مقام الحسرة الآن. وعلينا أن نفكر بعقليته البناءة التي كان يبني بها. رغم الاحباط ورغم التخلي ورغم قلة الامكانيات.
رحم الله زويل الذي كان يري أن مصر في مقدمة الدول التي لديها امكانيات علمية هائلة. وأن بإمكانها أن تكون واحدة من الدول الكبري بالعلم. وأن بإمكانها أن تنافس أكبر دولة في العالم علمياً وتكنولوجياً. لكن مات زويل محبطاً وسيعود الاحباط إلي أبناء مصر. وسيعشش من جديد في عقولهم ونفوسهم. حتي يصل الأمر إلي الدرجة التي نتخيل فيها أن مصر ليس لديها إلا زويل واحد.
اغلقوا أفواه المندبة واتقوا الله في مصر وارحمونا وادفعوا إلي الأمام من يملك أن يستكمل المسيرة.