أحمد عمر
أصل الكلام .. الإصلاح بالقطعة
المحافظ مثل ملكة بريطانيا يملك ولا يحكم.. التعبير للدكتور رجائي الطحلاوي وقتما كان يتولي مسئولية العمل محافظا لأسيوط قبل سنوات.. قال إنه كان في إجازة من عمله كرئيس لجامعة أسيوط في منزله بالقاهرة حينما تلقي هاتفيا خبر التكليف بالمنصب الجديد وإخطاره بالحضور في صباح اليوم التالي إلي مقر رئاسة الجمهورية لحلف اليمين.. وتابع عمنا الطحلاوي قائلا إن أول ما فعله في ذلك الوقت في شتاء عام 1996 هو أنه خرج يتمشي إلي ميدان العتبة حيث عرج علي واحد من باعة الكتب علي رصيف سور الأزبكية واشتري كتاباً ظن أنه ضروري للقيام بالمهمة الجديدة.. اشتري الطحلاوي ـ أطال الله في عمره ـ نسخة من قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1977 ليعرف ما له وما عليه.. وانتهي أستاذ التعدين والجيولوجيا بعد التنقيب في أغوار القانون إلي تلك النتيجة المدهشة أنه ذاهب إلي منصب يفرض عليه مسئوليات تجاه المواطنين إنما بلا صلاحيات.. وأن كل شعارات اللامركزية التي كان يتغني بها النظام وقتها مجرد عبارات جوفاء لا وجود لها علي أرض الواقع.. فالقرارات مركزية مثلها كالميزانية والتخطيط وترتيب الأولويات فلا يبقي للمحافظ من شيء سوي متابعة الأداء وتسيير العمل بالحب من خلال موظفين لا يملك محاسبتهم وكأنه يقود في أحسن الأحوال فريق كشافة وليس جهازا تنفيذيا يقتضي ضبطاً وربطاً والتزاماً وسرعة في الأداء واتخاذ القرار.
الحقيقة أنه لا شيء تغير منذ 1996 للآن.. فالقانون مازال ساريا كما هو ينتظر تعديلا يفتقد الإرادة السياسية منذ عهد ما قبل الثورة.. التعديل الموعود يمنح المحافظ والمجالس الشعبية المحلية صلاحيات مالية وإدارية.. لكن الرئيس عبدالفتاح السيسي عبر أمام المنتدي الأول لمحاكاة الحكومة عن ايمانه بأهمية أن يكون المحافظ له صلاحيات رئيس الجمهورية في إقليمه.. رؤية الرئيس تمثل مطلبا عاماً وتاريخياً لكل المعنيين. وتطلق طاقة جديدة من الأمل في أن مرحلة التحولات الكبري التي نمر بها ستعصف يسياسة مواجهة المشاكل والأزمات بالمسكنات والإصلاح بالقطعة الذي يخفف أعراض الاحتقان الشعبي لكنه لا يقيم وطنا ولا يبني مستقبلاً.
رؤية الرئيس تصون المال العام وتدفع الانجاز فلا يعقل أن يستمر تعطيل مشروعات مهمة كمحطات مياه الشرب والصرف الصحي شهوراً وسنوات بينما المحافظون يلهثون وراء شركات لا يملكون محاسبتها ويقتصر دورهم علي رفع مذكرات وتقارير لوزير لو كان شمشوناً ما استطاع أن يلاحق علي اتخاذ القرارات والمواقف المطلوبة في كل المحافظات.
لكن تفعيل رؤية الرئيس ينتظر تناغماً حكومياً وبرلمانيا يقضي علي العشوائية والنشاز ويعزف سيمفونية عذبة في حب الوطن.