المساء
محمد جبريل
ع البحري - تعدد المحاور .. لماذا ؟
لو أننا حاولنا إعادة النظر إلي الخريطة الحالية للمنطقة العربية وما جاورها. وملاحظة التغيرات التي استقرت. أو طرأت علي المنطقة. فإن التكوينات التي تشكل المشهد السياسي هي: الوطن العربي بتعدد أقطاره من الخليج إلي المحيط. وإسرائيل التي لا تعدو كياناً مستوطناً غريباً. يخطط ــ من قبل إعلان الدولة ــ لتوسيع الحدود إلي حيث يصل جنوده.
لذلك كان حرص إسرائيل ــ حتي الآن ــ علي عدم إعلان حدودها. أملاً في ضم المزيد من الأراضي إلي الدولة العبرية.
ولعلنا نذكر رفض بن جوريون الموافقة علي الانسحاب من سيناء. عقب احتلالها بقوات إسرائيلية وفرنسية وانجليزية. ثم رضخ بن جوريون للإرادة الدولية. ممثلة في أهم قوتين في العالم آنذاك: الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. وظلت أحلام السيطرة والتوسع جزءاً من الاستراتيجية الإسرائيلية. وهو ما تمثل في عدم التخلي عن الجولان المحتلة. ولا عن منطقة مزارع شبعا اللبنانية. فضلاً عن تصدير الإرهاب إلي أقطار الوطن العربي.
وعقب قيام الثورة الإيرانية. أعلن قادتها انحيازهم للقضايا العربية. وفلسطين في مقدمتها. واتخذوا موقفاً رافضاً للكيان الصهيوني. ويبدو أن صراعهم الطارئ مع الاستعمار الغربي أيقظ في النفوس أحلام الإمبراطورية الفارسية. وادعوا الانتصار للمذهب الشيعي الذي يؤمن به غالبية الشعب الإيراني.. لكن الدافع الحقيقي لتصرفات الإيرانيين هو استعادة ماضي الامبراطورية الفارسية.
أما رئيس الوزراء التركي أردوجان فقد استهوته شخصيات مسلسل حريم السلطان. واستعاد من خلال شخصياته وأحداثه تاريخ الدولة العثمانية. اقتصرت رؤيته علي دولة الخلافة التي امتدت سيطرتها إلي الكثير من بلاد العالم. لكنه أغفل السيطرة الدامية للامبراطورية علي الدول التي احتلتها. فعادت بها إلي عهود من الظلم والقهر. أجاد روائيو تلك البلاد تناولها في أعمال خالدة. مثل "جسر علي نهر درينا" للبوسني إيفو أندريتش. و"الموت أو الحرية" لليوتني كازنتزاكس.
هل نشأ فراغ مشابه للفراغ الذي قدم أيزنهاور من خلاله نظريته الشهيرة في أواسط القرن الماضي. ثم ابتلعها نتيجة الرفض العربي؟
أياً تكن الأوضاع. فإن علي الأقطار العربية أن تعيد حساباتها. وترتب مواقفها في ضوء المعطيات الجديدة. بحيث تعي حقيقة الأوضاع الحالية. وتوقعات المستقبل. وتحرص ــ من ثم ــ علي وجودها القوي. الفعلي. وعلي مكانتها كقوة إقليمية مهمة. فلا يضاف إلي العدو الوحيد ــ إسرائيل ــ ثلاثة أعداء محتملين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف