صلاح الحفناوى
الدولار والأسعار.. واللعب بالنار
خلال عقد الثمانينيات وحتي قرب نهايته.. كانت اسعار الفائدة علي الودائع بالجنيه المصري 16 بالمائة.. وكان العائد علي شهادات الاستثمار ذات العائد الجاري 18 بالمائة.. ولم نكن نعاني مما نعانيه الآن من التضخم والدولرة وتوقف عجلة الانتاج.. وكانت حركة البناء والتنمية جيدة.. قبل أن ينهار كل ذلك في اواخر الثمانينيات وما بعدها.
ولأسباب اعتبرها الاقتصاديون في ذلك الوقت وجيهة.. لعل في مقدمتها خفض تكلفة الدين المحلي وخفض تكلفة الاقتراض علي رجال الاعمال.. تم خفض سعر الفائدة في خطوات صادمة ليصل إلي أقل من الثلث.. وتوالي من بعدها انهيار سعر الجنيه وظهور الدولرة وتراجع الاستثمار لحساب الاستيراد وتضاعف التضخم .. وتضاعفت أرباح رجال الاعمال الذين لم يكتفوا بما حققوه من ارباح مبالغ فيها.. فسرقوا البنوك عبر قروض لا ترد.. وسمعنا مصطلح التعثر لأول مرة رغم انخفاض الفائدة ومنح امتيازات مبالغ فيها للاستثمار دون النظر إلي جدواه.. وظهرت كارثة توظيف الاموال التي افقرت ربع شعب مصر.
خفضنا سعر الفائدة من أجل اقامة الفيلات الفاخرة ومنتجعات الخمس نجوم ومصانع تعبئة البطاطس المقلية والمياه المفلترة التي وصل سعر الكوب الواحد منها الآن الي اكثر من جنيه ونصف الجنيه.. خفضنا سعر الفائدة لتشجيع الاستيراد وتكريس الخلل المخزي في الميزان التجاري.. خففنا عن الحكومات المتعاقبة عبء فوائد الدين الداخلي فاستهلت الاقتراض وتجاهلت اي حلول عملية لزيادة الموارد.
أزمة الدولار لن تحل بالمواجهات الامنية.. لأن أقصي ما سوف تصل اليه هو نقل تجارة العملة من محال الصرافة إلي بئر السلم.. أزمة الدولار لن تحل بالوعود البراقة ولا بالشعارات الرنانة لأنها لن تصلح خلل الميزان التجاري غير المسبوق.
تعالوا نتأمل تصريحات وكيل البنك المركزي السابق الدكتور فؤاد شاكر التي قال فيها إن قيمة صادراتنا لا تتجاوز 20 مليار دولار ووارداتنا 80 مليارا ليصل عجز الميزان التجاري إلي 58 مليار دولار.. فكيف لا نريد للجنيه أن ينهار وللدولار أن يستأسد.
احياء شعار العمل شرف وواجب وجهاد.. تشجيع الاستثمار المنتج وليس الاستثمار في المنتجعات وتعبئة الفول وصناعة الايس كريم.. وقف فوضي الاستيراد من خلال تعويم الجنيه لتصل تكلفة المستورد إلي ما يساوي أو يزيد علي تكلفة المنتج المحلي.. مع توجيه جانب من الدعم إلي مستلزمات الانتاج وواردات الغذاء والدواء التكنولوجيا المتقدمة.. رفع الفائدة علي الجنيه.. هذه بعض الحلول الممكنة للأزمة.