المساء
مؤمن الهباء
شهادة .. حتي يكتمل الحلم
رحم الله الدكتور أحمد زويل.. كان رمزاً كبيراً لحلم جميل.. حلم الزمن الآتي بالعلم والتعليم ونهضة حقيقية تستعيد روح هذه الأمة التائهة في ظلمات الفقر والجهل والمرض.. يقولون عنه في أمريكا إنه كان بطلاً من أبطال الشرق الأوسط العظام.. سلاحه العقل والعلم في منطقة مضطربة. غاب عنها العقل والعلم. ولا تعرف غير الحروب.
وكنا نحن أبناء الشعب المصري نري فيه الأمل والمستقبل.. نري فيه شخصية ملهمة قوية.. قادرة علي الصمود والصبر في سبيل الإنجاز.. وألقينا عليه حملنا الثقيل ـ كعادتناـ للخروج من أزماتنا.. وبناء مجتمع جديد يقوم علي العلم والعمل. وليس علي الفهلوة والشعارات الفارغة.. وكانت لدينا ثقة كبيرة في أنه سيفعل وسينجح. وننجح معه.. أليس هو الحاصل علي جائزة نوبل العالمية.. والعديد من الجوائز العلمية الأخري الرفيعة علي مستوي العالم؟!
كانت النقلة الكبيرة التي أحدثها د.زويل في حياته تجعلنا أكثر ثقة في قدراته وإمكاناته.. وبالتالي في الحلم الذي نتطلع إليه من خلاله.. فقد خرج من مصر إلي أمريكا طالباً مثل مئات أو آلاف غيره.. لكنه تفوق هناك علي أقرانه.. وأثبت قدرة المصري وعبقريته.. ورفع رأسنا عالية.. وقدم للعالم إنجازاً يتحدث عنه القاصي والداني.. إذاً فهو بالتأكيد قادر علي أن يعبر بنا فجوة الزمن الفارغ. بين الخوارزمي والقرن الواحد والعشرين.. ويرد إلينا اعتبارنا التاريخي والعلمي.. ويقفز بنا من زمن "قنديل أم هاشم" إلي زمن "الفيمتو ثانية".
وكان تفاؤلنا يكبر كلما تحدث عن منظومة التعليم. وضرورة إصلاحها.. وكلما أكد أننا قادرون. ولسنا عجزة.. وكلما اتجه إلي إنشاء المؤسسات.. والبنية التحتية.. جامعة زويل.. ومدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا.. ورغم كل العراقيل التي وضعت في طريقه إلا أنه استطاع أن يتغلب عليها.. وهزم البيروقراطية المصرية العتيدة في أكثر من معركة. حتي بدأ حلمه يري النور.. وبدأت ملامح مدينة زويل تظهر علي الأرض.. لكن البطل رحل إلي جوار ربه قبل أن يكتمل الحلم.. وقبل أن تثمر شجرته.. ويبتهج بما صنعت يداه.
الأعمار بيد الله سبحانه وتعالي.. وكلنا زائلون.. وقد خسرت مصر كثيراً ـ بلا شك ـ بوفاة د.زويل.. لكن يبقي من الرجل طاقة الأمل وقوة الدفع. التي منحها لهذه الأمة.. ورسالته التي يجب أن يحفظها المصريون جيداً إن أرادواـ فعلاًـ أن يغيروا واقعهم ويتغيروا.. تلك الرسالة التي تقول إن النهضة الحقيقية يجب أن تقوم علي العلم والعمل. وليس علي الفهلوة والتصريحات الفارغة.
وتبقي منه دعوته الدائمة إلي الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي.. والإنفاق عليهما. بما يكفي للاستثمار في الأجيال القادمة.. فالنهضة لن تتحقق إلا بشعب متعلم متماسك.. قادر علي أن يقدر جهود العلماء والباحثين.. ويجعلهم نجوماً في سماء وطنه قبل نجوم الفن والكرة.
وقد يأذن الله سبحانه وتعالي بأن تكتمل رسالة زويل ودعوته وطاقة الأمل التي بثها في وطنه. بتولي شخصية علمية مرموقة في حجم ومكانة د.مجدي يعقوب رئاسة المدينة العلمية.. وأن يجتهد جيل جديد من علماء مصر الأفذاذ. لكي يكملوا المشوار.. مشوار الوعي الشعبي بأهمية العلم والتعليم لبناء مصر الحديثة.. فقد وضع الدكتور زويل اللبنة الأولي.. ثم يأتي دور أبناء زويل ليكملوا البناء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف