المساء
محمد جبريل
ع البحري .. الشعب.. الخاسر الأول في سوريا
النهاية الوحيدة التي يتوقعها المتابعون لتطورات الأحداث في سوريا. إن الخاسر الأول ـ أكاد أقول الوحيد ـ هو الشعب السوري.
البداية سلمية تماما. مفردات المتظاهرين الحرية والعدل الاجتماعي والمساواة بين أبناء المجتمع الواحد. بدلا من الحوار. ومحاولة التعرف إلي بواعث المظاهرات. لجأ النظام إلي العنف. مما أتاح للتدخلات الأجنبية أن تشعل ـ بالمؤامرات ـ نيرانا كان من السهل إطفاؤها. وظهر العديد من الفصائل المسلحة بمسميات مختلفة. كل فصيل يزعم الدفاع عن المطالب التي دعت إليها المظاهرات السلمية للشعب السوري.
تشابكت الأحداث إلي حد التعقيد. لم يعد الصراع بين النظام والفصائل المعارضة. تسللت التنظيمات المتأسلمة مثل داعش والقاعدة. حتي شملت المعارك غالبية المدن السورية. وتدخلت القوي الكبري بغارات جوية ووجود أرضي. بما جعل من إمكانات عودة السلام بعيدة. أو مستحيلة. وهو ما دفع رئيس المخابرات المركزية الأمريكية إلي القول إن سوريا لن تعود موحدة!
ماذا عن المستقبل؟
هذا هو السؤال الذي يتطلع إلي أفق التطورات الدامية. والإجابة نستعيدها في أحداث جزائر ما قبل الاستقلال. عندما قاتلت التنظيمات المختلفة تحت القيادة الموحدة لجبهة التحرير الوطني الجزائرية. وبعد انتزاع الاستقلال. خرجت التنظيمات عن وحدتها. حاول كل تنظيم أن يحصل علي أكبر قدر من المكاسب السياسية. ونشبت الحرب الأهلية. واستمرت. حتي أفلحت الأصوات العاقلة أن تملي إرادتها. ويتحقق للجزائر تماسكها ووحدتها. فضلا عن الاستقلال الذي دفعت ثمنا له يقارب المليوني شهيد.
وبصرف النظر عن أسباب ضعف وحدة منظمة التحرير الفلسطينية. وتحولها إلي فصائل. كل يتصور أنه هو الأصدق تعبيرا عن حق الشعب الفلسطيني في استرداد أرضه. فقد شحب صوت المقاومة أمام حرص الفصائل علي المكاسب السياسية. وبلغ الأمر حد الاقتتال بين الفصائل. بل إن فصيلا هو حماس يفرض سيطرته علي غزة. بينما تدين الضفة في معظمها لإدارة فتح. فضلا عن الوجود الاستيطاني الإسرائيلي الذي يفرض علي المصير الفلسطيني كثيرا من التساؤلات والتعقيدات.
هل يتكرر في سوريا ـ بعد زمن قصير أو طويل ـ ما استطاعت الجزائر الإفلات من ويلاته بعد حرب أهلية قاسية؟ وما تعانيه فلسطين المحتلة الآن من صراعات سخيفة في ظل غياب الاستقلال. بمعني حصول المواطن علي حقه في الأرض والحرية والكرامة؟
هذا هو السؤال الذي يجب أن تتصور القوي المتصارعة في سوريا إجابته. حتي لا يترحم الشعب السوري في داخل البلاد وخارجها علي أيام. صار الواقع أشد قسوة منها!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف