لاشك أن النظام البيروقراطي الذي تراكم عبر عشرات السنين يحتاج إلي طوفان من الهمة والشجاعة والتضافر المجتمعي للقضاء علي كل اللوائح والنظم البيروقراطية والأداء البيروقراطي في آن واحد. وإلي دورات تدريبية تنتزع أو تنتشل الدورة المكتبية والمستندية والقوي البشرية من براثن هذه البيروقراطية.
ومما لاشك فيه أن النظام البيروقراطي يولد مثالب لا حصر لها. منها بحث بعض الناس عن سائر طرق الرشوة والمحسوبية لتحقيق مطالبهم وانتزاعها من براثن المماطلة والتأخير المتعمد. حتي تحولت البيروقراطية لدي البعض من مجرد هروب من المسئولية إلي وسيلة للابتزاز. مما يحتاج إلي العمل علي عدة محاور:
1- سرعة قيام كل مسئول في حدود اختصاصه بمراجعة جميع اللوائح المنظمة لإطار العمل في المؤسسة المنوط بها إدارتها بما يتسق مع نظم الإدارة الحديثة. وينسف الجوانب البيروقراطية. ويخلصها منها. بما يحقق الانجاز والشفافية معا.
2- سن القوانين اللازمة فيما يحتاج إلي قوانين جديدة لتحقيق هدفي الانجاز والشفافية معا.
3- عمل الدورات التدريبية اللازمة للكوادر البشرية علي أن تكون دورات جادة. وباختبارات كاشفة عن مستوي التحول. وميزات دافعة إلي سرعة التغيير بما يحقق المصلحة الوطنية. لأن الفاقد الاقتصادي الذي ينتج عن البيروقراطية ليس يسيرا في ظل ظرف نحتاج فيه إلي الاستغلال الأمثل لجميع الامكانات المتاحة.
4- الدفع بمزيد من الشباب والدماء الجديدة التي لم ترب علي هذه النظم البيروقراطية في جميع مفاصل العمل الإداري بكل مستوياته. لأنهم كما يقولون: إذا أردت أن تحدث نقلة نوعية في إدارة أمر ما فإنك لا تستطيع أن تحدثها بنفس أدواتك القديمة وبذات أسلوب عملها. بل لابد أن تكسر الأنماط الجامدة بتدريب أو إعادة تأهيل أو تحفيز أو الدفع بدماء ووجوه جديدة متحمسة. أو بذلك كله معا.
5- استحداث نظم متابعة وتقييم وتقويم ومحاسبة وتحفيز غير نمطية.
6- التأكيد المستمر علي هذا التحول العصري في نظم الإدارة بحيث يصبح ثقافة مجتمعية. ونمطا فكريا. وأسلوبا جديدا في الإدارة الحديثة والعصرية.
7- إعادة الهيكلة الوظيفية بوضع كل شخص في المكان الذي يناسبه علي أساس الكفاءة ووضعها فوق أي اعتبار آخر. مع التأكيد علي أنها أمانة في عنق كل مسئول وعلي كل المستويات. فمن ولي رجلا علي جماعة وفيهم أكفأ وأصلح منه فقد خان الله ورسوله. وخان وطنه. وخان مسئولية الأمانة التي حمله الله عز وجل إياها. مع التأكيد علي أن تحقق العدل في الثواب والعقاب واختيار الأكفأ دون سواه هو من أهم شروط وضمانات الاستقرار الوظيفي والمجتمعي وتحقيق الإنجاز.
8- التأكيد علي أن تعطيل مصالح الناس مما يتناقض مع الدين والوطنية والانسانية. وأن العمل علي قضاء حوائج هو من صميم الدين والخلق والوطنية والانسانية. يقول نبينا "صلي الله عليه وسلم": "إن لله عبادا اختصهم بقضاء حوائج الناس. يفزع الناس إليهم. أولئك الأمنون يوم القيامة". وجاء رجل إلي سيدنا عبدالله بن عباس يقصده في قضاء حاجة وكان ابن عباس "رضي الله عنهما" معتكفا بمسجد سيدنا رسول الله "صلي الله عليه وسلم" فقطع اعتكافه وخرج لقضاء حاجة الرجل. وقال: سمعت صاحب هذا القبر والعهد به قريب يقول: "من مشي في حاجة أخيه حتي يقضيها كان خيرا له من أن يعتكف في مسجدي هذا عشر سنين".