الجمهورية
بسيونى الحلوانى
الفقراء والكادحون.. ضحايا ارتفاع الكهرباء
من العبث أن يستمر د. محمد شاكر وزير الكهرباء في صدم المواطنين في مختلف محافظات مصر بتصريحات مستفزة عن عدم تأثر الفئات غير القادرة ومحدودة الدخل بزيادة اسعار الكهرباء.
من العبث أن يظل الوزير يردد بيانات عن شرائح الاستخدام لا علاقة لها بالواقع ويستفز فئات الشعب المطحونة والتي تمثل الغالبية الساحقة من المصريين لتستمر شركات الكهرباء في الاستغلال ونهب المواطنين كيفما تشاء وتستنزف ما تبقي في جيوبهم شهريا من أجل سداد فواتير تحرق الدم وتتلف الأعصاب ولا تراعي أي بعد اجتماعي.
من العبث ألا تراعي الحكومة الظروف السيئة التي يعيشها المصريون نتيجة ارتفاع اسعار كل شيء في الوقت الذي تقف فيه الأجور محلك سر وينضم الآلاف من المصريين إلي طوابير العاطلين بسبب عجز الحكومة عن توفير فرص عمل لهم أو مناخ اقتصادي يستوعبهم.
أتحدي أن يثبت لنا وزير الكهرباء أن الزيادة الجديدة لأسعار الكهرباء لن تطال محدود الدخل أو حتي تطالهم بنسب بسيطة وأن وزارة الكهرباء تراعي الأسر الفقيرة وأن لديها قدرا- ولو ضئيلا- من الرحمة بأسر تدفع ربع أو خمس دخلها الشهري علي استهلاك الكهرباء مضافا إليه رسوم النظافة في وقت تتكدس فيه القمامة في كل الشوارع وفي مداخل العمارات السكنية وأمام الشقق!!
تصريحات وزير الكهرباء الصادمة لا علاقة لها بالواقع وغير مقبولة لسبب بسيط وهو أنها تفتقد إلي المصداقية وإذا أراد سيادته أن يتأكد من معاناة الجماهير اليومية فعليه أن يذهب إلي أي شركة كهرباء ليقف علي شكاوي المواطنين من الارتفاع الجنوني لفواتير الكهرباء قبل تطبيق الزيادة الجديدة بصورة اصابت الجميع وخاصة محدودي الدخل بالهلع خاصة في ظل ظروف صعبة تمر بها الغالبية العظمي من المصريين بسبب لهيب الأسعار وانفلات الأسواق وعجز الحكومة عن ضبط سعر صرف الدولار الذي اصبح يتحكم في سعر كل شيء في مصر.
***
سألت أحد الخبراء الفنيين في الكهرباء عن أقل متوسط استهلاك لأسرة بسيطة تستخدم في مسكنها ثلاجة وغسالة وتليفزيون وريسفر ولمبات موفرة في حجرتين أو ثلاثة وطرقة وحمام ومطبخ ومروحة صغيرة.. فأكد أنها تتراوح بين 200 و 300 كيلو وات شهريا.. ولو استخدمت الأسرة أكثر من مروحة وتكييف واحد صغير لمدة 4 ساعات يوميا سيرتفع الاستهلاك ليزيد علي 400 كيلو وات.
لذلك فإن الشرائح التي تحدث عنها وزير الكهرباء للاستخدام والتي تبدأ من 50 كيلو وات شرائح وهمية لا وجود لها علي أرض الواقع ولابد أن يكف الوزير عن الحديث عنها كل يوم حتي لا تفقد الحكومة كلها ما تبقي لها من مصداقية أمام الشعب المطحون الذي يصدم كل يوم بتصريحات غير مسئولة لبعض الوزراء.
لذلك أتمني أن يتوقف وزير الكهرباء عن ترديد تصريحات ليس لها علاقة بالواقع الذي يعيشه الناس.. وإذا أراد الوزير أن يتأكد أنه يتحدث عن واقع غير موجود فعلا وأن معاناة المواطنين من ارتفاع قيمة استهلاك الكهرباء ولجوء موظفي شركات الكهرباء إلي حيل وأساليب متنوعة لاستغلال المواطنين وخداعهم وخاصة في القاهرة الكبري فعليه أن يتخفي ويذهب إلي إدارات التحصيل في شركات الكهرباء ليسمع شكاوي الناس وسخطهم ولعناتهم علي المسئولين عن الكهرباء في مصر.. بل علي الحكومة كلها.
***
كنت أتمني أن تستجيب الحكومة لمطالب مجلس النواب بتأجيل تطبيق الزيادة الجديدة حتي لا تضاعف من معاناة معظم المصريين الذي يواجهون ظروفا معيشية صعبة بسبب ارتفاع الأسعار وذلك إذا كانت الحكومة بالفعل تريد تخفيف الاحتقان الشعبي ولا تفقد ما تبقي لها من ثقة لدي الشعب وأن تطالب شركات الكهرباء بالتوقف عن التزوير واللعب في سوابق الفواتير لمص المزيد من دماء الفقراء ومحدودي الدخل لكي يحصدوا المزيد من الحوافز والمكافآت لتضاف إلي رواتبهم الكبيرة وليذهب المواطن البسيط إلي الجحيم.
لكن للأسف لم تفعل الحكومة ذلك بل عملت "ودن من طين والأخري من عجين" كما يقول المثل الشائع وتركت الفئات غير القادرة علي دفع فواتير الكهرباء تضرب رأسها في الحائط وتضاعف من احتقانها وهو ما دفع النائب البرلماني "هيثم الحريري" إلي التصريح بأن زيادة اسعار الكهرباء ستكون "المسمار الأخير في نعش الحكومة والبرلمان" حيث تجاهلت الحكومة توصية البرلمان وأصرت علي تطبيق الزيادة وبأثر رجعي ودون مراعاة لأي بعد اجتماعي.
فهل تراجع الحكومة موقفها وتتخذ الاجراءات التي تخفف من حالة اختناق حقيقية تتضاعف الآن بين المصريين نتيجة ارتفاع أسعار كل شيء ونتيجة فشل الحكومة في إدارة الملف الاقتصادي والبحث عن حلول عملية للأزمة الاقتصادية الطاحنة دون أن تجور علي حقوق الفقراء ومحدودي الدخل في مصر؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف