بوابة الشروق
عماد الدين حسين
عالقون بين باطرفى وسليمانى
فجر الخميس قبل الماضى سيطر مسلحو تنظيم القاعدة على مدينة المكلا فى حضرموت اليمنية، واقتحموا السجن المركزى وأطلقوا سراح أكثر من ٣٠٠ مسجون. أحد هؤلاء المساجين هو خالد باطرفى الشهير بـ«أبومقداد الكندى»، نصبه تنظيم «قاعدة الجهاد فى جزيرة العرب» عام ٢٠١٠ أميرا له فى محافظة أبين، ثم صار مسئولا شرعيا عن التنظيم فى كل اليمن إلى أن تم اعتقاله عام ٢٠١١.

خرج باطرفى من السجن إلى مقر القصر الرئاسى فى المدينة، ومنها إلى مقر محافظ حضرموت. جلس على مقعد المحافظ، ممكسا برشاش فى يساره وبسماعة التليفون فى يمينه، مرتديا الزى اليمنى التقليدى، تبدو عليه علامات البؤس، الشديد، لكن إضافة إلى علامات التحدى التى يبديها فى جلسته، فقد ظهر فى صورة أخرى داخل القصر الرئاسى أو مقر المديرية أو المحافظة وهو يدوس بالشبشب الذى يرتديه على العلم اليمنى.

المعارك لاتزال مستمرة حتى الآن بين مسلحى القاعدة فى مدينة المكلا وسائر مدن حضرموت وبين جيش القبائل الموالى لسلطة عبدربه منصور هادى. لكن الصور التى تم بثها لخالد باطرفى فى مقر قصر الرئاسة أو مكتب المحافظ تعطى إشارة إلى المستقبل الذى ينتظره اليمن والمنطقة إذا ــ لا قدر الله ــ تمكن المتطرفون من السيطرة عليه.

فى نفس اللحظة التى كان يدوس فيه باطرفى بحذائه على علم اليمن، كانت الميليشيات الحوثية تعيث فسادا ضد كل من اعترض على سيطرتهم بالقوة المسلحة على سائر أنحاء البلاد.

وفى نفس اللحظة أيضا كانت الميليشيات المنتمية لبعض المنظمات والفصائل الشيعية العراقية تعيث فى الأرض فسادا فى مدينة تكريت بعد طرد مسلحى وعصابات داعش منها. ورأينا الجنرال قاسم سليمانى يتيه بنفسه فخرا بعد أن حقق النصر فى تكريت ويستعد لمعركة الموصل وربما يتوجه إلى اليمن، ثم نجد أنفسنا عالقين فى المصيدة ما بين باطرفى وسليمانى.

داعش لا يحتاج إلى من يهاجمه أو ينتقده، لأنه أعفى الجميع من ذلك، وارتكب أعمالا إجرامية يصعب وصفها، لكن المأساة أن بعض الميليشيات الشيعية التى ساعدت الجيش العراقى لمواجهة داعش ارتكبت أعمالا لا تقل إجراما عن داعش. هم حرقوا البيوت وطردوا السكان واغتصبوا السيدات والأطفال بحجة الانتقام، لدرجة دفعت بعض المسئولين للاستقالة من مناصبهم، احتجاجا على هذا السلوك الهمجى.

قد يسأل سائل وما هى العلاقة بين ما يحدث فى اليمن من متطرفى القاعدة والحوثيين، وما يحدث فى العراق من متطرفى داعش والميليشيات الشيعية؟.

الإجابة ببساطة أن التطرف والإرهاب ملة واحدة، وإذا كان هناك تطرف سنى تمثله داعش والقاعدة والنصرة وأحيانا الإخوان، فهناك تطرف شيعى يمثله الحوثيون أو بعض الفصائل العراقية والسورية واللبنانية، وهو المعنى الذى عبر عنه بدقة الاستاذ أحمد المسلمانى فى إحدى حلقاته على قناة الحياة الأسبوع قبل الماضى. والأخطر أن هذا هو ما ينتظر الأمة العربية إذا قدر لهذا التطرف أن ينتصر، سواء كان سنيا أو شيعيا.

مرة أخرى أخطر ما نقع فيه أن نجرى ونلهث وراء اللعبة الإيرانية أو الأمريكية أو الإسرائيلية أو الداعشية لنحارب معركة السنة والشيعة. هذه حرب خاسرة قبل أن تبدأ، يريدوننا أن نكون وقودها لنواصل حربا عبثية بدأت عام 36 هجرية ولاتزال مستمرة، وأغلب الظن أنها لن تحسم حتى تقوم الساعة، شأن كل المعارك الطائفية والمذهبية فى كل الأديان.

علينا ألا نقع فى مصيدة التطرف، إيران تريد أن تحقق طموحاتها الفارسية عبر اللافتة المذهبية، والأمر نفسه هو ما يحاول داعش وأمثاله أن يفعلوه، والكاسب الأكبر هو إسرائيل والخاسر الأكبر هو كل الشوب العربية والإسلامية المغلوبة على أمرها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف