مؤمن الهباء
وزير الكهرباء.. الجريء جداً
عندما كان الشعب المصري يتصايح فرحاً بهدف يدخل في شباك مرمي الأهلي أو الزمالك. كان وزير الكهرباء قد فرغ من إعلان الزيادات الجديدة في أسعار استهلاك الكهرباء بمتوسط 42% وبما يوفر للحكومة 20 مليار جنيه.. وكان الوزير ينتظر ماذا سيقول المصريون عن هذه الزيادات. وهو شبه متأكد أنهم لن يقولوا شيئاً.. وأن مباراة القمة بين الأهلي والزمالك كفيلة بأن تجذبهم بعيداً عن التفكير في هذا الشأن.. ربما كان التوقيت محسوباً ومقصوداً.. أو كان مجرد صدفة.. ورُبَّ صدفة خير من ألف ميعاد.
في تقديري أن وزير الكهرباء يمتلك جرأة هائلة. ليست متوفرة في وزراء كثيرين غيره.. ولم تكن حتي متوفرة في وزراء حكومات مبارك.. الذين كانوا يتحسسون كلامهم ويتلعثمون أحياناً عندما يتحدثون عن أي زيادة في الأسعار تتعلق بسلعة أو خدمة جماهيرية واستراتيجية. مثل الكهرباء أو البنزين.. وكثيراً ما كان يصاحب هذه الزيادة "الخجولة" إعلان عن برامج لحماية المواطنين من الآثار السلبية المترتبة عليها في صورة علاوة اجتماعية وزيادة في المعاشات.
وزير الكهرباء كان صريحاً وجريئاً في كل ما قال بشأن زيادة أسعار الكهرباء.. اللهم إلا فيما يتعلق بالشرائح الثلاث الأولي. التي تخص محدودي الدخل.. والتي كان قد أعلن من قبل التزامه بعدم تحريك أسعارها.. ثم أعلن في مهرجان رفع الأسعار أنها لن تتأثر بالزيادات الجديدة.. فالحقيقة أن معدلات الزيادة علي هذه الشرائح بلغت في بعض التقديرات أعلي من 42%.. أضف إلي ذلك أنه لم يقل إن الشرائح العليا هي التي سوف تتكفل بسد الفجوة القائمة بين ما تدفعه الشرائح الأولي وسعر التكلفة.. وبالتالي فلا مجال لأي حديث بعد ذلك عن دعم الكهرباء.
وطبقاً لما نشرته "المصري اليوم" في عدد أمس الأول ـ الثلاثاءـ فإن وزير الكهرباء "الجريء جداً" تجاهل في مؤتمره الصحفي الجداول المعتمدة من مجلس الوزراء للزيادات المقررة.. وقدم أرقاماً أعلي بكثير من الأرقام المعلنة من قبل.. كما أعلن تطبيق الزيادة بأثر رجعي من "يوليو" الماضي!!
مَن الذي يحمي وزير الكهرباء. ويمده بهذه الجرأة المفرطة؟!.. أين مجلس الوزراء ورئيسه؟!.. أين مجلس النواب ورئيسه؟!.. ألا تمثل زيادات أسعار الكهرباء عبئاً جديداً ثقيلاً علي كاهل المواطنين في وقت تشتعل فيه أسعار كل السلع والخدمات.. ويدور حديث في الكواليس عن خفض جديد لقيمة الجنيه أو تعويمه؟!.. ماذا يفعل المواطن أمام هذه الزيادات التي تسقط علي رأسه. ولا يملك لها رداً؟!!
يقول الوزير إن زيادة الأسعار كانت ضرورية بسبب زيادة التكلفة وارتفاع سعر الدولار.. وهو يعلم يقيناً أن زيادة أسعار الكهرباء ستؤدي حتماً إلي زيادة أسعار المنتجات الصناعية.. وأن المصانع التي تعمل بالكهرباء سوف ترفع أسعار بيع منتجاتها للمستهلكين.. رغم أن هذه المنتجات كانت قد شهدت موجة من الزيادة في أسعارها خلال الفترة الماضية. نتيجة ارتفاع أسعار الدولار. ولوازم الإنتاج المستوردة.. أي أن المستهلك العادي ـ المواطن ـ هو الذي سيدفع "جبراً" في النهاية قيمة زيادة الكهرباء مرتين.. مرة في فواتير استهلاكه المنزلي.. ومرة أخري في السلع الصناعية.. بينما دخله ثابت لم تطرأ عليه أي زيادة.
يقول محمد المرشدي. رئيس غرفة الصناعات النسجية: إن وزارة الكهرباء كانت قد تعهدت بأن الزيادة في الأسعار للقطاع الصناعي التي تمت في يوليو 2015 ستكون الأخيرة.. خاصة أنها اقتربت من الأسعار العالمية.. إلا أنه تم التراجع عن هذا التعهد مع الزيادة الجديدة في الأسعار. التي تم الإعلان عنها.. ولا شك أن زيادة أسعار الطاقة ستنعكس علي التكلفة النهائية.. والمستهلك لم يعد يحتمل أي زيادة في أسعار المنتجات.
شكراً يا أخ مرشدي.. أخيراً وجدنا من يتحدث بلساننا.. ويحنو علينا.